يذكرني الخوض في قرارات التعليم العالي والجامعات هذه الأيام وبما يخص التعليم والتقييم عن بعد بعبثنا أيام الطفولة (حين كنا نضع شروط وفي أول حركة نتراجع عنها)، لن أسهب في الشرح لكني ومن باب الإطلاع على كل ما يدور حالياً، وتصريح معالي الوزير الأخير إن صح، أوضح أبعاد الذهاب لقرار التنجيح التلقائي:
1- جلالة الملك خص التعليم عن بعد وادواته الإلكترونية بالتأكيد على الحكومة الإهتمام به وتفعيله وبتوجيه مباشر.
2- أعتقد أن إتخاذ مثل هذا القرار ، يعني أن المسؤلين كانوا لا ينقلون الوضع الصحيح لجلالة الملك، فهم أمامه يطمئنونه أن التعليم عن بعد يسير بشكل ممتاز وأنهم يمتلكون ناصيته!، والذهاب للتنجيح التلقائي يعني أنهم كانوا يضحكون على الناس وعلى أنفسهم، أو أنهم غير واثقين أو مطلعين على مسيرة التعليم عن بعد التي هي مسؤوليتهم.
3- كان من باب أولى عدم الذهاب للتعليم عن بعد ليرتاح الطالب والمدرس، إذا كان إتخاذ قرار التنجيح التلقائي سيتم بهذه السهوله لمن هب ودب… !
4- الذهاب لقرار التنجيح التلقائي يعني أن المدرس لم يُدرس، وعليه لا يوجد مادة تعليمية ليقيم الطالب فيها.
5- التنجيح التلقائي يعني تنجيح طالب لم يلتحق كلياً، ولم يشارك ولم يبذل أي مجهود دراسي، ولا عذر للبعض بقضية الإنترنت فالمدرسين استخدموا كل الوسائل الممكنه ومنها الواتس اب للتواصل مع الطلبة ولا أعتقد أن هنالك طالب جامعي لا يمتلك هذه التقنية، للحصول على حد ادنى من التعلم.
6- التنجيح التلقائي يضرب بعرض الحائط جهود أعضاء الهيئات التدريسية وسهرهم في إعداد المحتوى التعليمي والمتابعة والتقييم المستمر، ولا يقاس على القلة القليلة التي لم تقم بالتدريس كما يجب.
7- التنجيح التلقائي سيحبط الطلبة المجدين والمتفوقين الذين ينتظرون مواصلة تفوقهم والحصول على علامة عالية.
8- التنجيح التلقائي سيشكل مأزق صعب حله، للطلبة الذين سجلوا المواد لرفع المعدل بشكل عام، أو لرفعه للخروج من الإنذار الأكاديمي والفصل، وكذلك رفع التقدير للطلبة الخريجين، إذ تتلاشى الفرصة الزمنية أمامهم، إضافة للخسارة المادية على الطالب.
9- إفشال الجهود التي تؤسس لجعل التعليم عن بعد جزء من العملية التعليمية، والإستفادة من مزاياه مستقبلا.
10- لنفترض لا سمح الله عاد الوضع الوبائي لمرحلة الخطر وعدنا ثانية للحضر، وأمامنا صيفي وفصول قادمة، من سيقنع الطالب بالدراسة؟ ومن سيقنع المدرس بالتدريس؟، إذا كان القرار النهائي معروف مسبقاً… ! ببساطة تنجيح تلقائي… ! ثم كيف سنميز الطلبة ونعطيهم شهادات يُعتد بها ؟ هل سنعطيهم شهادات وكشف علامات ممهور بعبارة المعدل التراكمي: (ناجح تلقائي… !).
11- نعترف جميعا أن التدريس لم يكن تمام التمام، ونعترف أنها تجربة أولى خضناها جميعا، بمستويات مختلفة وهنات كبيرة وصغيرة، ومن قال أن التعليم التقليدي يخلوا من ذلك؟ وفي النهاية المدرس يُقَدر الوضع ويقيم بناء على المعطيات.
12- لم ولن يكن ترسيب الطالب هدفا لأي مدرس أو نظام تعليمي، مع ان المصطلح مرفوض تربويا، ويستبدل (بالطالب الذي لم يحقق أهداف المادة التعليمية وعليه إعادتها لتحقيق الأهداف)، قمة فرحة المدرس أن يرى ثمرة جهده بنجاح طلبته وتفوقهم.
13- التعليمات الأخيرة أعطت الطالب مساحة كبيرة لصالحه، بالإختيار بين ناجح راسب أو علامته، أو إسقاط المادة، وهنا لا مانع من أخذ قرار لترصيد رسوم المادة للطالب الذي انتظم وشارك، وعدم ترصيدها لمن لم ينتظم ما لم يكن هنالك سبب مقبول.
14- التعليم والنظام التعليمي سمعة بلد، لا يجوز العبث به أو وضعه في دائرة التردد واشك، ويجب أن نحافظ على جودته ما امكننا ذلك، ولن يتأتى ذلك بالتنجيح التلقائي أبدا.
15- هنالك حلول كثيره خلاقه يمكن اللجوء لها، منها تأجيل الإمتحان لمن يرغب ووضع غير مكتمل، وإجراء الإمتحان وتكوينه بطرق خلاقه معروفه تحد من الغش.
16- القضايا والإمكانات الفنية يمكن معالجتها بوضع جدول إمتحانات وأعداد متقدمين تتناسب والسعة المتوفرة للخوادم لكل جامعة وحسب إمكاناتها.
ما يدور من زوبعة فيسبوكيه وهاتشتاقات يديره في الغالب مجموعة من الطلبة إما أنهم لم ينتظموا، أو أنهم فعلا مظلومين ولم يحصلوا على تعليم مناسب، لكن في المجمل يجب أن يعلم أبنائنا الطلبة أن النجاح التلقائي ضد مصلحتهم في كل الأحوال، وكما أسلفت التقييم يجب أن يراعي المحددات وأوضاع الطلبة.
ويجب أن تتاح الفرصة لجميع طلبتنا باختيار ما يناسب وضعهم للتقييم والنجاح إن شاءالله لكل من يستحقه.
من هنا فمجلس التعليم العالي ورؤساء الجامعات أمام إمتحان صعب، فإما ان يثبتوا أن التجربة واعدة وستستمر، أو أن نعود جميعا بخفي حنين( وكأنك يا أبو زيد ما غزيت)، وسلام على التعليم عن بعد، ولتكن لديكم الشجاعة بعدها لتقولوا لجلالة الملك لم نستطيع أن نلبي تطلعاتك… ! لا سمح الله… حمى الله الأردن.