لقد أدرك الأردن مبكراً أن الشباب حالة سيادية، ومشروع وطني وقومي، وتعتبر رعايتهم مؤشراً بارزاً على تطور الدولة، لمواجهة التحديات حاضراً ومستقبلاً، وتنبع
الأهمية من أن الشباب في الأردن يشكلون الشريحة الأكبر، والأهم كماً ونوعاً، إذ تبلغ نسبة السكان ممن هم دون سن الثلاثين عاماً نحو (٦٧ (٪من العدد الإجمالي
للسكان، وبهذا يعتبر المجتمع الأردني مجتمعاً شاباً فتياً، وأن الاستثمار بهم وإكسابهم الخبرات اللازمة يعد جزءاً مهماً من التنمية الشاملة، وتعتبر الأردن من أوائل
ً الدول العربية وفي الإقليم التي اهتمت بالشباب ومنحتهم مساحة ً واسعة من حرية التفكير، وإتاحة الفرص للانطلاق والإبداع على المستويين الرسمي والشعبي.
كلام جميل في حق الشباب ولكن الواقع اليوم يتطلب معالجات جادة لقضايا الشباب وخاصة البطالة وإيجاد فرص العمل بعيدا عن الحلول التقليدية او الوظيفة الحكومية والتي وان أتت فإن عائدها لا يتناسب والأوضاع الاقتصادية التي لا تمكن الشاب الأردني من بناء مستقبل له بدخل لا يمكنه من تأمين المواصلات والمصاريف الشخصية.
ما نراه اليوم من تكدس الباحثين عن العمل في ديوان الخدمة المدنية مئات الالاف ينتظرون من عشرات السنوات بلا طائل وكذلك خريجي الجامعات بمئات الالاف كل عام ينظمون إلى طوابير العاطلين عن العمل.
كذلك فإن القطاع الخاص يستغل الشباب برواتب هزيلة في ظل غياب الرقابة الحكومية على هذا القطاع.
لذلك فإن الشباب في الأردن ينظرون للمستقبل لا يجدون بصيص امل يمكنهم من بناء حياتهم والان هناك جيل من سن خمسة وعشرين إلى أربعين عاما لم يتمكن من العمل أو الزواج او الاستقرار وهذا خلل ديمغرافي خطير في البنية السكانية الأردنية.
ماذا ستفعل الحكومة لهذا القطاع الشبابي الذي يرى استراتيجيات شبابية ولكن لا يرى على الواقع تنفيذا لها إلا ما يخص البرامج التطوعية والمبادرات التي في النهاية لا تقدم مستقبل للشباب ولن تخدمهم على المدى البعيد.
لهذا على الحكومة ووزرائها تقديم حلول خلاقة ضمن رؤى بعيدا عن الحكومة وموازنتها المرهقة بالديون إلى ما شاء الله رؤى تخدم الشباب وتحل مشاكلهم في العمل والزواج وإيجاد مشاريع في المحافظات والالوية وحسب طبيعتها.
ربما نحتاج إلى مثال نبدأ منه وهو السدود في الأردن.
لدينا ٢٠ سدا في كل المحافظات وهذه اماكن يمكن تحويلها إلى مكان صالحة للعيش بما يتوفر بها من ماء وحولها من أراضي.
والفكرة تكمن في تمكين الشباب من جزء من مياه السدود مع قطعة أرض يزعها وبيت ممول من البرامج الخارجية مع برنامج لتزويج الشباب ليستقروا حول هذه السدود ونبدأ بالمهندسين الزراعيين مع السكان القريبين من السدود.
بهذا المشروع بمكن ان نحول السدود إلى سلة غذاء للخضار والفواكة والأسماك وتربية النحل وانتاج العسل والاغنام والطيور تمكننا في الأردن من الاكتفاء الذاتي.
يمكن للسدود ان تخدم ٤٠ ألف شاب ومع زوجاتهم يصبح العدد ٨٠ الف ومع وجود الاولاد مستقبلا يعتاش من السدود ٢٠٠ الف وهذ كله دون أن تقدم الحكومة اي رواتب او شىء من موازناتها ولكن على الحكومة ان تأمنهم بالتامين الصحي على حسابها وهذا حق يظمنه الدستور ودعم جزء من اشتراك الضمان الاجتماعي لتبدأ مسيرة حياتهم بعيدا عن ديوان الخدمة المدنية الذي أوقف حياة الشباب.
تخيلوا لواء ذيبان الذي يقع فيه نهرين من السدود وشبابه عاطلين عن العمل وأراضي الزراعية على مد النظر ماذا تنتظر الحكومة لإنقاذ الشباب بعيدا عن التطوع والمبادرات التي لاتغني ولا تسمن من جوع.
القطاع الاخر لتشغيل الشباب هو قطاع النقل الذي يمكن أن يوفر ١٠٠ الف وظيفة... يتبع