حتى تؤدي حكومتكم يادولة الرئيس أداءً استثنائياً في هذه المرحلة الاستثنائية، وحتى لا تكون من الحكومات التي تبحث عن الأعذار، عليها أن تتخلص من عيوب حكومات البحث عن الأعذار، وحكومات تأجيل الأزمات وترحيلها، وهو ما أدى إلى تراكم هذه الأزمات وتفاقمها، مما صرنا نعاني منه الآن على المستوى الوطني، وأول العيوب التي يجب أن تتخلص منها الحكومة آفة الإنكار، فحتى تمارس الحكومات آفة ترحيل الأزمات، كانت تنكر وجودها، حتى إذا انفجرت واحدة من هذه الأزمات في وجه الوطن، تفرقت مسؤوليتها بين الحكومات التي مارست لعبة الترحيل والتأجيل.
لقد نجم عن آفة النكران،الذي مارسته حكومات البحث عن الأعذار، التي ابتلي بها وطننا بلاء أعظم، هو بلاء التراخي في مواجهة المشاكل وهي في مهدها، ونسينا الحكمة العربية التي تقول "مستعظم النار من مستصغر الشرر"، فلو أن الحكومات كانت تعمل على حل المشكلة في مهدها، أو على أقل تقدير تطويقها ومنع تفاقمها، بإجراءات وطنية صارمة حتى لو كانت مؤلمة، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من أزمات في الكثير من المجالات.
إن حكومتكم اليوم يادولة الرئيس، تواجه الكثير من الأزمات التي نجمت عن بلاء التراخي، الذي أصاب الحكومات التي سبقتكم، وأول ذلك هذه الانتكاسة الوبائية التي تعصف بنا، وسببها الرئيس كما يجمع أهل الخبرة والاختصاص أن الحكومة السابقة تراخت في الإعداد والتجهيز، خاصة في مجال تدريب وتأهيل الكوادر الصحية، وكذلك في مجال المعدات والتجهيزات، وإذا كان بعض العذر في ذلك أسباب مالية ، فما العذر في التراخي الذي حدث على المعابر الحدودية؟ وما العذر في عدم التشدد في تطبيق إجراءات الوقاية والسلامة العامة ؟ وما العذر في عدم إلتزام الكثير من الوزراء بإجراءات السلامة العامة ، حتى في المناسبات واللقاءات العامة؟.
ومثلما تواجه حكومتكم الانتكاسة الوبائية، ومن أسبابها الرئيسة التراخي، فإنها تواجه ملف البلطجية، وفارضي الأتاوات، والخارجين على القانون، وهي أزمة تفاقمت بسبب التراخي في تطبيق القانون، سواء عندما تم غض البصر عن انتشار البسطات في كل مدننا، في اعتداء صريح وواضح على حق المواطن بالسير المريح على الأرصفة، أو من خلال التراخي في إعادة النظر بقانون العقوبات، لتشديد عقوبة الخارجين على القانون، الذين يمارسون تحصيل الأتاوات بصور مختلفة، تحت عين الحكومات وبصرها، من ذلك على سبيل المثال مايعرف بالفاليه "valet" الناجمة أيضاً عن تراخي أمانة عمان والبلديات، بإلزام المباني بتخصيص مساحات لمواقف السيارات، والقبول بدلاً من ذلك بالبدل المالي، مما أدخلنا في أزمة وطنية، هي أزمة النقل كان الله في عونكم على حملها، وسائر أخواتها من الأزمات الناجمة عن التراخي.