شهد التاريخ القديم والحديث الكثير من الاحداث والمعارك التي تخللها احتلال دول، وسيطرة دولة على اخرى، لكنه لم يشهد بشاعة بحجم البشاعة والمأساة التي مارستها و قامت بارتكابها فرنسا بحق الشعب الجزائري الشقيق، فمنذ عام 1830م و فرنسا تسوم البلاد والعباد اسواء انواع العذب ،والابتزاز، في محاولة بائسة منها للسطرة على فكر الانسان الجزائري، واستغلال خيرات التراب الجزائري. فقد حاربت فرنسا الانسان الجزائري بهويته ومعتقده لتخلق منه انسان تابع لها غير مرتبط بماضي ولا يفكر في المستقبل، بهدف دمج الشعب الجزئري بالحضارة الفرنسية ،وتذويب الشخصية الوطنية لدى ذلك الشعب العظيم، هذا ناهيك عن نهب خيرات البلاد، ما فوق الارض وما تحتها، وتسخير كل ذلك لصالح المستعمر الفرنسي اولا واخرا.
لن استعرض مراحل العذاب التي مر بها الشعب الجزائري على يد المستعمر الفرنسي، ومقاومته لها الى ان اتخذ قراره التاريخي باعلان الثورة العارمة ضد المحتل الفرنسي، في مختلف مناطق الجزائر، وتحديده ليوم ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم موعدا من اجل انطلاق تلك الثورة المباركة والذي تطابق مع يوم 1/11/1954.
لقد شكلت الثورة الجزائرية نقطة ضوء وبارقة امل التفت حولها مختلف اطياف الشعب الجزائري ، من اجل هدف واحد الا وهو الخلاص من المستعمر، وتحرير البلاد ،وتظافرت كافة الجهود من اجل ذلك الهدف النبيل، فقد شاركت المراة الجزائرية شقيقها الرجل في هذه الثورة، وعملت جاهدة من اجل انجاحها، وتشير الارقام الى وجود احدى عشر الف امراة قاتلت في الثورة الجزائرية جنبا الى جنب مع الرجل، فكانت في ميادين القتال وكانت الممرضة وكانت الراصدة لحركات العدو والمساهمة في ايصال احتياجات الثوار لهم، ولا يغيب عن ذهن كل متابع او راصد الى احداث الثورة الجزائرية اسم زهرة بوظريف ،ودورها البطولي في الثورة ، كما ان الاطفال الجزائريين قد ساهموا بشكل مباشر في هذ الثورة، فالوسيط وحركة الوصل بين قادة الثورة الجزائرية كانوا اطفلا و منهم على سبيل المثال لا الحصر الطفل يوسف الشهيد والذي استشهد وهو لم يتجاوزا الثالثة عشر من عمر.
لم يقتصر انجاز الثورة الجزائرية الاولي على توحيد الجبهة الداخلية في وجه المستعمر، وتكاتف جهود كافة ابناء الشعب الجزائري لمواجهة ماكنة الاستعمار العسكرية والفكرية ،و التي لم تذخر جهد في سبيل القضاء على الثورة ، بل كان من نتائج الثورة الجزائرية المباشرة ايضا ، على الصعيد العربي ان شكلت حالة تعاطف فريدة بين مختلف ابناء الامة العربية بجناحيها مغربها ومشرقها من جل نصرة الشعب الجزائري الشقيق في ثورته العادلة ضد المستعر الغاصب ، وجهزت كل الاحتياجت للازمة من اجل انجاح تلك الثورة من مختلف اقطار لوطن العربي ، وقد كان للاردن نصيب في هذا المجال حيث وقف الشعب الاردني بمختلف اطيافة لجانب الشعب الجزائري الشقيق وقد اشرف جلالة الملك المرحوم الحسين بن طلال على تجهيز السفينة الاردنية دينا وقد حملت قرابة 16.5 طن من الاسلحة الاردنية الى الاشقاء في الجزائر، حيث انطلقت من ميناء الاسكندرية المصري نظر لضعف الامكانيات البحرية الاردنية في ذلك الوقت، وتشير الوثائق الاردنية الى ان الوفد الاردني قام بتسليم الباخرة ومحتويتها الى مجموعة من الضباط الجزائريين الذين كانوا متواجدين في مصر منهم عبدالقدر شنوف وسي الصادق وغيرهم، على الرغم من ان الموقف والدعم الاردني للثورة الجزائرية قد غيب ولم يغطى اعلاميا نظرا لما كانت تتعرض له الاردن من مضايقات على الساحة السياسية العربية.
الحديث عن الثورة الجزائرية يطول و ذو شجون لكن مايهم في الامر ان الثورة الجزائرية ولله الحمد كللت بالنجاح وتحرير كامل الارض الجزائرية من ايدي المستعمر الفرنسي ولا نملك في هذا المقال الا الدعاء الى الجزائر الشقيق شعب وارض وقيادة ان يحفظهم الله ويبعد عنهم كل مكروه ويجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن حمى الله الجزائر وكل عام والجزائر بخير