أهم شيء في علم الإدارة هو التقييم، فهو استكمال لخطوات التخطيط والمراجعة والتنفيذ، وهو المؤشر الحقيقي لسلامة الخطط الاستراتيجية وتنفيذها تنفيذا صحيحا. والتقييم يساهد في استنباط الدروس والعبر وتحديد درجة النجاح ومعرفة جوانب الإخفاقات.
وهذا النهج ضروري في الحياة لتحقيق مدى النجاحات والإنجازات، وإلا سارت الأمور من غير تفكير وتخطيط استراتيجي. فالحياة ليست ضربة حظ أو ورقة يانصيب وإنما تتطلب منا الجلوس العميق مع الذات والتفكير المتروي في رسم المستقبل وأين نريد أن نكون، فبقدر ما نرسم المستقبل يتحقق إن اعتمدنا الأسلوب والطريقة الصحيحة في الوصول إلى هدفنا، طبعا بعد الإتكال على الله وطلب توفيقه " فقلب الإنسان يختار طريقه والرب يثبت خطواته" ( أم ٩:١٦). فالله سبحانه وتعالى وهبنا نعمة العقل لنحتكم إليه كما جاء في المثل الدارج " اسعى يا عبدي تأسعى معاك"، و "اعقلها وتوكل". فالنجاح والحصاد يحتاجان إلى بذار صالحة وزراعة صحيحة ليعطي الثمار المرجوة والا سيكون الثمر شحيحا ولا يتناسب مع حجم التعب والجهد المبذولين.
وفي نهاية أي عام وعلى أعتاب عام جديد يحتاج الإنسان أن يجلس مع نفسه للمراجعة وإجراء جردة حساب، لكي يراجع حساباته إن كان قد أدى الأمانة على أكمل وجه أم أن عليه أن يصحح ما اقترفته يداه من أخطاء وهفوات ربما تكون غير مقصودة. فلربما تعقيدات الحياة وتشعباتها وضغوطاتها تدفعنا إلى التسرع في الحكم على بعض الأمور أو اتخاذ قرارات متسرعة غير حكيمة مما يرتب عليها تداعيات كبيرة سلبية يصعب معالجتها من غير تصحيحها وتعديلها. لذلك فالجلوس مع الذات بين وقت لآخر ومراجعة وتقييم أعمالنا وقراراتنا وخصوصا مع نهاية كل عام يساعدنا لأن نكمل المسير نحو المجد والعلياء، وبنفس الوقت السعي للشعور بالرضى القلبي وراحة النفس والضمير وارضاء الله.
وقمة الشجاعة والمروءة تتجلى في تصحيح الخطأ وتعديله، مما يعطي مؤشرا على القوة وليس دليلا على الضعف أبدا، فليس ارتكاب الخطأ عيبا، فمن لا يخطأ لا يعمل، ولكن الخطأ هو في العناد والاستمرار في الخطأ وغض البصر عنه. والسؤال، هل يدوم الخطأ والا متى؟ يقول السيد المسيح "ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف". فكم من جرائم طويت ولكنها تكشفت بعد عشرات السنين! وكم من أسرار أخفيت وتكشفت ولو بعد حين. ولكن ولو دفنت الحقيقة تحت التراب إلى حين، لكنها يوما ما ستتكشف وتتعرى أمام عرش الله الفاحص القلوب والكلى والعارف أفكارنا من بعيد.