لقد باتَ واضحاً أنَّ الكورونا لن تترك العالم من غير تغيير جذري وحقيقي. فالكورونا قد كشفَتْ وعرّت النظام العالمي والرأسمالية المتوحشة والعولمة، التي لن تعودَ تصلحُ لقادم الأيام، بل أصبح من الضروري إعادة ضبط ايقاع العولمة وإيجاد صيغ جديدة تتناسب وحاجة العالم والإنسانية إلى أنظمة جديدة مؤنْسَنَة ترتكز على توفير حاجات الإنسان الأساسية.
فالكورونا بنظرة العالم والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي تشكِّل لحظة تاريخية هامة تُسهم في زيادة الوعي الإنساني بالعيوب التي تملئ عالم اليوم، فالأزمة التي يمُّرُ بها النظام العالمي هي أزمة أيديولوجية في المقام الأول سببها فشل المنظومة الليبرالية القائمة فلسفتها الإقتصادية على أساس تعظيم الأرباح ليس إلا.
وكما يذكر د. عودة صويص في إصداره الجديد (الإستراتيجية الأمريكية) فإنَّ العالمَ اليوم أمام خيارين: إما أن يكون أمام عالم بنزعة استبدادية تتحول فيه الإنظمة إلى أنظمة أكثر دكتاتورية، أو العودة إلى المصطحات الإنسانية المعنية بالإحتياجات البشرية في المقام الأول وعلى حساب مصطلحات المنفعة والنيوليبرالية. وهذا بالتأكيد مما يستدعي إعادة بناء نظام عالمي جديد أقرب إلى حاجات الناس ورفاهم.
فما كشفته الكورونا هو إبتعاد الليبرالية أو ما يسمى حديثاً النيوليبرالية عن القاعدة الإجتماعية، بإعتبارها تلهث وراء الأرباح ليس إلا، بينما الحاجة اليوم إلى الدول الضامنة للرفاه العام.