الشعب الأردني الوحيد بالعالم و الذي يطمح غالبيته لأن يحمل لقب معالي ..وكل واحد يتخيل الحقيبة الوزارية التي يتمناها ، وقد يعود السبب إما طموحاتنا عالية جدا أو نجد بأنفسنا الكفاءة والإمكانيات التي تؤهلنا لتولي أعلى المناصب ، والتفسير الآخر ربما يعود إلى حب المواطن الأردني لخدمة وطنه وحتى يعبر عن انتمائه ووطنيته لا وسيلة إلا من خلال حقيبة وزارية .
وسوف نصل لمرحلة أن يقف رئيس الوزراء مخاطباً المواطنين
" معالي الشعب الأردني " .
لقد عملت في وزارة التنمية الاجتماعية ما يقارب ٢٥ سنة، وقد تقلب على هذه الوزارة في تلك الفترة منذ تولي المرحومة إنعام المفتي ٢١ وزيرا ، علما بأن عدد الوزراء الذين تولوا حقيبة التنمية ما يقارب ٦١ وزيراً ،منذ أن تأسست الشؤون الاجتماعية ، حيث كانت تسمى دائرة للشؤون الاجتماعية بعد نكبة ١٩٤٨ ، وذلك لمعالجة المشاكل الاجتماعية والمادية للذين هاجروا إلى الأردن ، فيما بعد أصبح اسمها وزارة التنمية الاجتماعية بعد انفصالها عن وزارة العمل .
يعني بأن الفترةً الزمنية لكل وزير تقارب سنة وبضعة أشهر .
بالله هل هذه المدة كافية لأي وزير لتحقيق أي انجاز يذكر .
يحتاج الوزير إلى فترة زمنية لا تقل عن بضعة أشهر ليتعرف إلى مهام الوزارة وعملها وموظفيها ، يتفق أو لا يتفق مع الأمين العام ، يرغب بتبديله لتعيين صديق له أو لا يرغب.
يحتاج الوزير إلى بضع من الوقت لاستقبال المهنئين والاستماع إلى رأي فلان ورأي علان ، والبدء بالضغوطات والواسطة من المقربين والمحبين.
بعض الوزراء ممن تولوا حقيبة التنمية الاجتماعية ، لم يعلم أصلا بطبيعة عمل الوزارة أو الطريق للوصول إليها.
بعض الوزراء لم يكتب لهم البقاء إلا بضعة أشهر ..يعني غير كافية لحفظ الطريق إلى الوزارة ..
هذا لا يزال لغز أسس انتقاء الوزراء من الألغاز الذي عجز المواطن الأردني عن حلها وحتى وقتنا الحاضر ولا نعلم ع الإطلاق , لماذا تسلم الوزير هذه الحقيبة الوزارية؟ ولماذا غادر بموجب التعديل !؟ ثم لماذا استلم حقيبة لوزارة أخرى ؟ ثم عاد مرة أخرى لنفس الوزارة!؟
بالله عليكم هل هذه تعتبر من أسرار الدولة ، ومعقدة ولغاية هذه اللحظة المواطن الأردني ليس من حقه معرفة الأسباب.
وهل شرط من يتولى منصب الوزير في الحكومة بأن يكون أردنيا فقط "كافية "منصب غير مقيد إطلاقا وفقا للدستور الأردني"
والحق يقال أن هناك العديد من الوزراء كانوا على قدر من المسؤولية والعطاء والعمل الدؤوب ، وقد خدموا بكل إخلاص وأمانة توافقا مع القسم الذي أقسموه.
والبعض منهم والله كما دخلوا خرجوا لم يحدثوا أي تغيير ، ويقال أن الوزير هو منصب سياسي فقط ..وأنا شخصيا لا اتفق مع انه منصب سياسي فقط، بل منصب سياسي تكنوقراطي .
وعندما يكون الوزير ضعيفاً وغير قادرا على إحداث أي تطوير أو حل مشاكل وزارته بكل مهنية ، يحاول تعويض عجزه وضعفه بإتباع سياسية التنقلات والإحالات على التقاعد، وإبعاد الأقوياء والخبراء من حوله ، وكأنه جاء لهذه المهمة أو لتصفية حسابات.
البعض من الوزراء قد نسف تعليمات وجهود غيرة تحت مسمى " كل شيخ وله طريقته "
البعض أعاد الوزارة إلى الوراء ، من وجهة نظره أن ذلك الأفضل "
كما أن البعض نهض بالوزارة وترك إرثا طيبا..
هذا الخبرة التي مررت بها وعشتها ، ويعيشها غيري حاليا في وزارات الدولة ، لا يوجد لها تفسير سوى :
- لا يوجد أسس لاختيار الوزراء ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب على الإطلاق .
- يتم اختيار الوزراء إما للحسب أو النسب ، أو أصدقاء ، أو بناء على اتصال هاتفي " ألو ، دير بالك على فلان " . والله الرئيس ما بكون يعرف فلان ولا علان .
- لا يوجد عمل مؤسسي وإستراتيجية واضحة لكل وزارة .
-التغيير المستمر والتعديلات المتتالية غير المبررة ، ليس لمصلحة أي وزارة سوى منفعة شخصية للوزير ، الاستفادة من راتب التقاعد ، أو تعديل في راتبه التقاعدي ..وهذا يشكل عبئا ثقيلا على موازنة الدولة المنهكة أصلا ، إذ أن تكلفة فاتورة الرواتب والتقاعد على ميزانية الدولة تقدر ب ( ٦٥%) ، فيما بلغت فاتورة التقاعد مليار و458 مليون دينار في عام 2020.
- نادرا ما يأتي وزير من رحم الوزارة ، ومن له خبرة وباع طويل في وزارته .
إذا أردنا الإصلاح ، فعلينا أن نفكر بمنظومة الإصلاح كحزمة متكاملة ، إداريا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، وسياسياً ..
الأصل انتقاء الوزير الكفء ، وفق أسس ومعايير ، الأصل أن يكون هناك بنك معلومات عن الخبراء والاقتصاديين والمتميزين في جميع القطاعات ، ما دام هناك بنك للعيون وللدم وللأعضاء .
وان نتخلص من " المحاصصة " ذلك المرض السياسي الخطير .
على الوزير قبل تكليفه أن يقدم خطة عمل للوزارة التي يتسلمها ، ويحاسب إذا قصر..
وإذا أردنا الإصلاح الحقيقي علينا أن نبدأ من الأعلى إلى الأسفل ..وهذا ما نتبعه عند تنظيف السلالم حيث نبدأ من الأعلى ثم إلى الأسفل