المستثمرون قلقون بشأن التضخم. تقول عشرات من الشركات الأمريكية إنهم محقون في ذلك.
وتحذر قائمة متزايدة من الشركات من أن اختناقات سلاسل التوريد، وزيادة تكاليف المواد الخام، وارتفاع نفقات العمالة بدأت تصبح موجعة.
أشارت شركة التصنيع العملاقة 3M إلى ارتفاع تكاليف الشحن جوا وبرا وبحرا، في حين حذرت شركة وول مارت من الازدحام في الموانئ الأمريكية.
شهدت شركة ليجيسي هومز لتصنيع المنازل المتنقلة وشركة ويليمز سونوما موردة ماكينات الإسبريسو بريفيل وأطقم سكاكين وستوف، ارتفاعا في تكلفة الأجور. وحذرت شركة ماتيل التي تصنع دمى باربي من ارتفاع أسعار البلاستيك، التي تفاقمت بسبب عاصفة الشتاء في تكساس التي أدت إلى توقف مصانع البتروكيماويات.
قال تيد دوهيني، الرئيس التنفيذي لشركة سيلد إير لصناعة العبوات: "التكاليف ترتفع في كل مكان".
أدت ومضات التضخم الأولى هذه - وحقيقة أن كثير من شركات مؤشر إس آند بي 500 تقول إنها تستجيب برفع أسعارها الخاصة - إلى تغذية الجدل بين المستثمرين في وقت يتسارع فيه التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة. هل هذه إشارة إلى أن التضخم المزمن الذي روضه البنك المركزي الأمريكي منذ فترة طويلة ربما يكون على وشك العودة بقوة؟
قال بيتر فان دويجويرت، المدير الإداري للحلول متعددة الأصول في شركة مان سوليوشنز : "يعتقد الناس إنه مؤقت، أو ربما يأملون أنه مؤقت. لأنه لا أحد يعرف حقا ماذا يفعل".
يتوقع محافظو البنوك المركزية والمستثمرون تسارع التضخم هذا العام في الوقت الذي يعمل فيه التحفيز الحكومي والطلب المكبوت منذ أكثر من عام من القيود الاجتماعية على إنعاش الاقتصاد الأمريكي.
الأسبوع الماضي، أحد مقاييس السوق لتوقعات التضخم، وهو معدل التعادل لعشرة أعوام، ارتفع إلى 2.36 في المائة؛ أعلى مستوى له منذ 2013. أيضا رفع المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي توقعاتهم بشأن التضخم. ومن المتوقع الآن أن يصل المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، إلى 2.2 في المائة بحلول نهاية العام، صعودا من 1.4 في المائة الآن، وفقا لأحدث توقعات الاحتياطي الفيدرالي. قبل ثلاثة أشهر، كان مسؤولو البنك المركزي قد بدأوا في تخطيط زيادة بنسبة 1.8 في المائة.
يتوقع الاحتياطي الفيدرالي أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة إلى 6.5 في المائة هذا العام، بينما وضع آخرون، مثل مصرف جولدمان ساكس، تقديرات للنمو أعلى من ذلك؛ عند 7 في المائة. لاحظت وزارة التجارة الأمريكية زيادة 2.4 في المائة على أساس شهري في الإنفاق الاستهلاكي في كانون الثاني (يناير)، مقابل انخفاض 0.4 في كانون الأول (ديسمبر).
قال رحيل صديقي، الخبير الاستراتيجي في الاقتصاد الكلي العالمي في شركة نويبرجر بيرمان: "عندما يكون لديك نمو مثل هذا لم نشهده منذ وقت طويل، طويل، طويل، من الواضح أنه سيكون هناك عدم توافق بين العرض والطلب وبالطبع بعض التضخم".
ارتفع كل من الألمنيوم والنحاس والنفط والخشب في الأشهر الأخيرة، مع تداول الأخير قريبا من أعلى مستوياته على الإطلاق. تحوم أسعار النفط الأمريكي الآن حول 60 دولارا للبرميل. وارتفعت تكلفة البولي إيثيلين، وهي مادة بلاستيكية مستخدمة على نطاق واسع، 20 في المائة تقريبا بين الربع الرابع من العام الماضي ومنتصف آذار (مارس)، وفقا لمزودة بيانات سلسلة التوريد "بانجيفا". أظهرت الدراسات الاستقصائية من الفروع الإقليمية للاحتياطي الفيدرالي أن المصنعين بدأوا في التخطيط لزيادات كبيرة في أسعار السلع الأساسية خلال الأشهر الستة المقبلة.
قال كورتيس درو هودجسون، المؤسس المشارك لـ "ليجيسي هومز"، للمستثمرين: "كل سلعة نشتريها، أو كثير من السلع التي نشتريها، نشهد ارتفاعا في الأسعار. لقد اضطررنا حتى إلى منح زيادات للعمال لأنه لمجرد حث الناس على القدوم إلى العمل، ندفع لهم الآن دولارا إضافيا في الساعة إذا حضروا إلى العمل، إضافة إلى أجرهم".
كانت الأسواق متوترة بشأن احتمال نهوض التضخم، نظرا لأنه يقضي على الفائدة التي تدفعها السندات ويقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية للشركات. لفترة وجيزة، قفز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام متجاوزا 1.7 في المائة هذا الشهر، قبل أن يتراجع الأسبوع الماضي. وهذا أعلى مستوى في 14 شهرا. في الوقت نفسه، مؤشر ناسداك المركب المحمل بأسهم بالتكنولوجيا انخفض أكثر من 6 في المائة من أعلى مستوى له على الإطلاق في شباط (فبراير).
لم يتضح بعد للشركات الأمريكية ما إذا كانت الأسعار المتزايدة ستهدأ مع زيادة إنتاج المواد الخام. قال فيفيك سانكاران، الرئيس التنفيذي لسلسلة محال ألبرتسونز للبقالة، سيكون التضخم أعلى من الاتجاه في النصف الأول من العام، لكنه سينخفض مرة أخرى إلى 1 ـ 2 في المائة بحلول نهاية 2021.
أضاف آرون رافنسكروفت، الذي يدير شركة مانيتووك لصناعة الرافعات، أن الموانئ الأمريكية المسدودة تسببت في "ارتفاع الأسعار إلى مستوى جنوني". لكنه أشار إلى أن المشكلة خفت إلى حد ما.
جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، استبعد حتى الآن ارتفاع الأسعار، وتوقع أن يكون الارتفع عابرا ومن المرجح أن يتلاشى مع استمرار الانتعاش. أخبر الكونجرس الأسبوع الماضي أن صانعي السياسة يرون أن التأثير الناتج في التضخم "ليس كبيرا ولا مستمرا بشكل خاص".
يتردد بعض المستثمرين في الموافقة بسرعة على ذلك. قالت كاترين كامينسكي، كبيرة استراتيجيي الأبحاث في ألفا سيمبليكس، ما إذا كانت الزيادات الرنانة في الأسعار التي يقودها ارتفاع أسعار السلع ستكون "إعادة ضبط مؤقتة" أو تشير إلى تحرك دائم إلى أعلى للتضخم "ليس واضحا حقا في هذه المرحلة. تستغرق هذه الأمور بعض الوقت حتى تنتشر المنافع تدريجيا، لكنها تطلق بعض الإنذارات".
المصدر عزيزة كاسوموف وكولبي سميث وإريك بلات من نيويورك..