قال رئيس المنتدى الاقتصادي الاردني النائب خير ابو صعيليك ان الجميع مدعو لتفهم النموذج الاقتصادي الجديد الذي فرضته جائحة كورونا COVID-19 و المعتمد على تلبية الاستهلاك من خلال الانتاج المحلي نتيجة الاغلاقات التي قد تتفاقم في اي لحظة وخاصة دول الشرق الاوسط و شمال افريقيا التي لا تمتلك حتى تاريخه منظومة تكنولوجية قادرة على استدامة سلاسل التزويد والتخزين اللوجستي وفق اسسس رقمية او الكترونية بالاضافة الى عدم كفاية منظومة الرعاية الصحية.
وفيما يتعلق بشأن الاقتصادي المحلي قال ابو صعيليك ان المالية العامة تعرضت الى ضربات جسيمة تسببت بارتفاع غير مسبوق في الدين العام و ازدياد عجز الموازنة وارتفاع خدمة الدين بالاضافة الى تراجع الايردات المحلية والتي اصبحت قاصرة عن تغطية الانفاق الجاري و اضاف ان اي اجراءات مالية او ضريبية ستؤدي حتماً الى نتائج عكسية يضاف الى ذلك شح المصادر المتاحة للتمويل و خاصة الدولية منها.
و اكد ابو صعيليك على اهمية استدامة الدين العام بما يضمن القدرة على الوفاء بالالتزامات الا انه شدد على ان الحلول لا يمكن ان تكون مالية بل انها ادارية و اقتصادية بحتة، مضيفاً ان النهج التقليدي في التعامل مع البيئة الاستثمارية لم يعد يجدي نفعا".
وقال ابو صعيليك انه من الواجب ان يكون هناك مصارحة مفادها ان ادارة البيئة الاقتصادية والاستثمارية على النحو الحالي ( business as usual ) سيؤدي الى مزيد من الركود وتفاقم المعضلة مما قد يمس بالسلم المجتمعي وهذا يستلزم التوافق على سياسة اقتصادية ملزمة لكافة مؤسسات واجهزة الدولة مما يوفر التناغم المطلوب ما بين البيئة التشريعية و الاجراءات التنفيذية و الدعم الامني.
وانتقد ابو صعيليك بشدة تأخر تعيين رئيس هيئة الاستثمار قائلاً انه لا يمكن لحكومة تمر بهذه الظروف ان تهمل هذا الموضوع لمدة قاربت الخمسة شهور واصفاً ذلك بالتخبط والارتباك، كما لفت ابو صعيليك الى ان هناك تأخير في حسم ملفات الطاقة مما يعني ان كلف الاعمال ما زالت مرتفعة وتحد من الميزة النسبية للسلع و الخدمات في الاردن .
ودعا ابو صعيليك رئيس الحكومة الى اعادة تفعيل مجلس السياسات الاقتصادية الذي امر به جلالة الملك ابان حكومة الدكتور هاني الملقي ، بحيث يتم ادارة حوار اقتصادي مع المختصين ينتج عنه خطة عمل ذات اهداف قصيرة و متوسطة و طويلة المدى تأخذ بعين الاعتبار الانماط الجديدة .
واضاف ابو صعيليك : اتفهم ان دولة رئيس الوزراء لم يأت من خلفية حزبية وبالتالي فهو لا يمتلك خطط معدة مسبقاً قبل التكليف ولكن مضي ستة اشهر على تكليف الحكومة يعني بكل وضوح ان الحكومة اخذت فرصتها الكاملة لتقديم خطة ترتقي الى مستوى المرحلة و ان اي تأخير اضافي في تقديم هذه الخطة سيكون غير مبرر و ذو اثار خطيرة، ولا بد للخطة من ان تأخذ بعين الاعتبار تدشين الدخول للمؤية الثانية للدولة بعدد من المشاريع الكبرى وفي مقدمتها التفكير الجدي بمقترح المدينة الجديدة الذي تم اثارته تحت قبة البرلمان والذي يقوم المنتدى الاقتصادي الاردني باعداد دراسة محكمة له وللاثار الاقتصادية الناتجة عنه على مستوى مؤشرات الاقتصاد الكلي مع ضرورة استحداث الترابطات مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة backward and forward linkages والتأكد من التطبيق الفاعل بما لا يرتب على الدولة اعباء تفوق قدرتها no more extra liabilities
اما اركان سيادة القانون و تطوير الادارة العامة فهي ضرورة اساسية لنجاح اي خطة.
ولا يخفى حجم التحديات و التوترات الاقليمية مما يستدعي التفكير خارج الاطر الدبلوماسية التقليدية والانتقال الى تشكيل قوى ضغط قادرة على التواصل مع الدول المانحة بهدف احداث اختراق في موضوع الاستثمار و التمويل والمساعدات.
كل هذا يستدعي ان تتسلح الحكومة بخبرات ادارية و فنية على سوية عالية قادرة على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب بحيث تسود المصلحة الوطنية العليا على كافة المصالح الضيقة.
والمصلحة الوطنية هنا لا بد ان تنطلق من اهداف قابلة للقياس و تعني تعزيز مباديء الحكم الرشيد وتعني خلق فرص عمل و تعني تنمية المحافظات وتعني تمكين المرأة و صيانة المال العام و منع اغتيال الشخصية وحماية استقرار البلد والابتعاد عن السلبية وتعزيز منظومة الانتاج والاجتهاد في العمل و تعني قطعاً ان يكون الاردن في القلب والعقل والوجدان فعلاً لا قولاً .