هل سيشهد الأردن عهدًا جديدًا في خلق حالة حزبية حقيقية بين طلبة الجامعات، بحيث يمارس الطالب الجامعي العمل السياسي ويكون جزءًا من المكون الحزبي الشبابي؟ أم سيبقى العمل السياسي شكلاً داخل الأسوار وفعلًا خارجها؟
وهل ستحقق الإرادة السياسية الجادة في إيجاد حالة حزبية وتمحو الدولة من ذاكرة المواطن الأردني تاريخها السلبي في التعامل مع الحزبيين؟
يعد الطلبة الشباب العمود الفقري للبنية الديمغرافية للمجتمع الأردني ، ولدينا من الكفاءات الشبابية ما نفاخر بهم الدنيا ، وهم الفئة الواعدة لبناء مستقبل أكثر ازدهارًا، وقادر على حمل المسؤولية وقيادة عجلة التغيير.
تعتبر الجامعات الفضاء الرحب لنصج العمل السياسي وممارسته والبيئة الحاضنة لقيادة التغيير ، والجو الديمقراطي للحوارات الفكرية بالحجج والبراهين، وخلق حالة من الإبداع السياسي والفكري بين طلبتها.
أمام دعوات جلالة الملك ورؤيته وأوراقه النقاشية والتي تحلم بحكومات قوية خارج من رحم البرلمان ...
إن من مصلحة الجامعات خلق جو من التباين الفكري والإبداع ...
ولدى اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإصلاح -تحديدًا لجنتا قانون الأحزاب والانتخاب- التحدي الأكبر في إيجاد صيغة توافقية للتوصل إلى قانون يتيح المشاركة لأكبر عدد من طلبة الجامعات؛ للإنخراط في الحياة الديمقراطية ..
حقًا.. هل سيتاح العمل الحزبي في الجامعات وينضج من رحمها، وتساهم الجامعات بكسر حاجز الخوف، وإعطاء فرصة لهذا الجيل؛ لكي يقدم نماذج متقدمة من العمل الحزبي، وتقوم بمراجعة تعليماتها وتهيئة المناخ العام، ونرى طلابًا يحملون الفكر والتنوع، وينتمون إلى ألوان العمل السياسي بأطيافه المختلفة، ويجمعهم الانتماء للوطن وليس التكتلات الأخرى بجميع أشكالها؟
حقًا، هل ستحقق الجامعات الحلم بأن تصبح البيئة الجامعية التربة الخصبة، والثمار الناضجة؛ لبناء المناخ الديمقراطي وينضج العمل السياسي في مطابخ الجامعات وأروقتها؟
أم ستبقى البعبع الأكبر والاخطر لبعض المسؤولين وأصحاب القرار ؟
ولعل ما يبشر بالخير وجود العدد الأكبر من أعضاء اللجنة الملكية لتحديث الإصلاح من أصحاب الكفاءة والأكاديمين ..
لكي نصل إلى مستوى حياة حزبية داخل أسوار الجامعات ، لا بد من ضوابط وأسس ، على مبدأ الإلتزام بالدستور والقوانين، وأن يسبق ذلك برامج توعوية من خلال الأحزاب بالتعاون مع وزارتي التنمية السياسية والشباب ، لترسيخ مفهموم الانتماء الوطني وإعلاء المصلحة الوطنية على المصالح الأخرى كافة ، وبذلك يكون الوطن أكبر وأهم هوية.
هذه فرصة ثمينة وذهبية للتغيير، وفي الوقت ذاته تشكل خطورة كبيرة، إذا ما أحسن التعامل معها داخل الحرم الجامعي بوعي وبجدية حتى لا تخرج عن سياقها ، وهي مهمة ليست بالسهلة وتستدعي جهود استثائية وقيادات واعية..
إن العمل الحزبي هو حياة الأمم لترسيخ مفهوم الديمقراطية بمعناها الحقيقي ، وهو المفتاح لتنظيم العمل السياسي والتحكم بمصير الأمم ومستقبلها ، ويُمكّن الساسة من قيادة شؤون الدولة برمتها وفقًا لبرنامج ورؤية واضحة ..
لا برلمان قوي دون أحزاب، ولا أحزاب قوية خارج البرلمان..الحياة السياسية - لا تقبل التجزئة والعبث والعشوائية "
والله الموفق .. ونطمح لحالة حزبية ناضجة داخل أسوار الجامعة.