على أرضيات زجاجية شفافة تحيطها إضاءة خافتة، يستقبل "مطعم الكهف" في الأردن زبائنه الباحثين عن تجربة طعام فريدة وسط أجواء غير تقليدية.
وعند الدخول إلى المكان، يقود ممر ودرج الزبائن إلى الأسفل تحت الأرض وصولا إلى ساحة جلوس من الكهوف الطبيعية التي تشكلت منذ حوالي 60 مليون سنة.
ووفقا لخبراء، فقد كانت تلك الكهوف مأهولة بالبشر لأول مرة خلال العصر الحجري.
وبات المطعم من المعالم السياحية الأثرية في مدينة مادبا جنوب العاصمة عمان التي تشتهر بآثار مؤابية ورومانية وإسلامية يقصدها السياح من جميع أنحاء العالم.
وفي داخل المطعم، يسأل الأردني جورج حدادين البالغ من العمر (69 عاما) دائما الزبائن عن شعورهم أثناء الأكل والشرب في كهف عمره حوالي 60 مليون سنة، وكان يتلقى الرد بإطراء وإعجاب بتلك التجربة الجديدة بالنسبة لهم.
وقال حدادين في مقابلة صحفيةأجريت معه مؤخرا في المطعم الذي يحمل اسم "مراح سلامة": "إنه متحف، مثل مدرسة التاريخ والحضارة وليس مطعما في الواقع".
وأضاف حدادين، وهو عالم جيوفيزيائي ورئيس سابق لنقابة الجيولوجيين الأردنيين، أن الموقع كان يستخدم كمنطقة انتظار خلف منزل عائلته.
ويتذكر حدادين كيف تم العثور على تلك الكهوف المخفية بالصدفة.
وقال "في عام 2008، لفت انتباهي بعض الصخور المستطيلة بالقرب من حفرة على الأرض، وبالتالي بدأت مشاريع للتنقيب استمرت سبع سنوات تقريبا مع اكتشاف العديد من النقوش القديمة".
وأضاف حدادين "هناك تشابه بين الجيوفيزياء واكتشاف التاريخ والحضارات الموجودة هنا"، مشيرا الى أنه نقل البيانات إلى نموذج جيولوجي يشبه إجراء التنقيب للتعرف على تلك الفترة وكيف كانت الثقافة في ذلك الوقت.
وتابع "كرست كل شغفي لهذا الأمر، وتوقعت أيضا أن استكشف المزيد من تاريخ الحضارات التي كانت موجودة في الكهوف في المنطقة المحيطة عبر العصور".
ولذلك قرر حدادين "تحويل هذا الكهف إلى مطعم بإضاءة خافتة وشعور بالهدوء".
وللحفاظ على الحالة الطبيعية للكهف، قام بوضع أرضيات زجاجية شفافة داخل المطعم مع توفير تجربة طعام فريدة للزوار فوق أراضي العصر الحجري.
وبالنسبة لحدادين فإن "الموقع لا يقدر بثمن"، وهو يرى أن من واجبه أن يضع الأشخاص الذين زاروا المطعم في صورة لمحة سريعة عن تاريخ المنطقة والحضارات السابقة.
وأعيد افتتاح المطعم قبل شهرين بعد إغلاق دام لمدة عام وسط أزمة فيروس كورونا.
وأكد حدادين أن الزوار أخبروه في كثير من الأحيان أنهم شعروا بإحساس بالدفء والأمان في المطعم، وهو يعتقد أنه شعور مشابه يتقاسمه مع الأسلاف الذين دخلوا الكهف بحثا عن ملجأ.
وقال إن "الكهف ضمّن السلامة والنار ضمنت الدفء، وأنا سعيد برؤية الأجواء نفسها وقد تم الحفاظ عليها طوال الوقت".