فرق كبير بين التأني والتردد, فالتأني يعني العمق في التفكير, ودراسة البدائل والاحتمالات, والنظر إلى القضية التي تحتاج إلى قرار من زوايا مختلفة مع قدرة على الاختيار, ثم العزم والإقدام في التنفيذ على قاعدة "إعقل وتوكل" التي تُترجم آخذاً بالأسباب.
أما التردد فهو إضاعة الوقت في إثارة المخاوف والشكوك, لغياب القدرة لدى المتردد على الموازنة بين الأمور والترجيح بين الاحتمالات, والأهم من ذلك الهروب من تحمل المسؤولية سواء كانت مسؤولية إتخاذ قرار أو إتخاذ موقف, والتردد صفة تجعل صاحبها خاصة إذا كان في موقع المسؤولية شخص كثير التراجع عن القرارات بعد إتخاذها, بصرف النظر عن سلبية هذا التراجع عن القرارات وآثارها على الأشخاص والجهات ذات العلاقة بالقرار الذي يتم التراجع عنه.
عن سلوك التراجع عن القرارات والمواقف والوعود يقول أهل الاختصاص أن المتردد هو ليس فقط شخص يفتقر إلى مهارات إتخاذ القرار فقط لكنه أيضا يفتقد القدرة على الحسم في كل شيء, وهو الأمر الذي غالباً مايؤدي إلى إضاعة الفرص, من ذلك ماذا لو كان قائد جيش من الجيوش مترددت في إتخاذ القرار، خاصة أثناء الحرب، وخير مثال على ذلك خالد بن الوليد وحزمه وعدم تردده عندما تولى قيادة معركة مؤتة بعد استشهاد قادة الجيش الثلاثة, فلولا تحمل خالد بن الوليد لمسؤولية القرار لحلت كارثة بالمسلمين, ومع اضاعت الفرص يضيع الجهد والمال فوق إضاعة الوقت, وهو سلوك يفسره أهل الاختصاص بأنه عدم ثقة بالنفس, يترجم إلى خوف من النتائج, وهروب من المسؤولية, لذلك فإن الشخص المتردد إذا كان في موقع المسؤولية وإتخاذ القرار فإنه يميل إلى تحصين نفسه بالتقيد بحرفية اللوائح والأنظمة, مما يعطل لديه القدرة على الإجتهاد, لأنه في الغالب شخص بلا رؤية وبلا خيال, وعندما تنعدم الرؤيا والخيال لينعدم التقدم والتطور ويسود الجحود والتخلف.
ولأن المسؤول صاحب الشخصية المترددة بلا رؤية وخيال فإنه في الغالب شخص لايعرف ماذا يريد وكيف يحقق ما يريده, ومن ثم يخسر الوطن الكثير من الجهد والمال, والأهم من ذلك أنه يخسر الفرص المتاحة, وهي حالة نعيشها في الأردن كثيراً, عندما يتردد الكثير من المسؤولين عن إتخاذ القرام الحازم والمناسب في الوقت المناسب, تهرباً من المسؤولية وتكاليف المواقع العام وخوفاً من وسائل التواصل الاجتماعي, كما يخسر المتردد نفسه الكثير الكثير, لذلك يمكننا القول أن التردد طريقاً سالكاً للسقوط ومعبدةً بالفشل الحقيقي.