قائد صنديد ، كيس العقل ، حصيف المال ،كبير القوم، غزير المعاني، حكيم الموقف ،سديد الرأي ذات شخصية متزنة، صابرة على الظلم حليمة عند الشدائد، مترفعة عن صغائر الأمور و سفاسفها ، فلا تثيره جعجة القوم و لا قلة حشمة من يحدثونه ، يلبي طلب الصغير و الكبير ، فلا يرد أحدا يطلبه و لا ينحاز لقريب ليخدمه ، إنما ينحاز إلى الأمة العربية ، يقف مع الجميع على مسافة واحدة لا تغيره الظروف وأسودادها و لا تحبط من عزائمه نوائب الدهر و منغصات الحياه ، لا يفتر نشاطه و لا يخبت أنواره و لا يذبل نواره ، مضيئا في مدرسته ، يحن على طلابه و يعاملهم كمعاملة الأب الحنون لأبنائه و يشار له بأطراف البنان .
هو عملة نادرة ما احتوته سيرته من درر ، ومجوهرات، ولآلئ، فهو صعب عن بعد ، سهل عن قرب ، عندما تراه من بعد يعطيك احساسا بالقسوة ، وعندما تقترب منه يتدفق الحنان و العطف و اللطف منه ، و سهولة تلبية الطلب دون تمييز ، و يعطيك شعورا بهيبة هذه الشخصية و عظمتها ، ظاهرها توحي بصعوبة التعامل معها ، و في باطنها الرقة والدفء و اللين و الود حين التعامل معها، يا لها من شخصية عظيمة ! كما أن سيرته تشعرك بأنه مهيبٌ مجيدٌ ومناضلٌ عروبيٌ ومكافحٌ وطنيٌ و موسوعي في ثقافته يداوم على القراءة بإستمرار و يعرف بسعة الإطلاع في مختلف المجالات .
وصف بالشيخ الحكيم ذات البصيرة النافذة و التواضع الجٌم و الحِلم الكبير ، المعروف في حكمته و شجاعته و صبره في المواقف الصعبة و تحمل الأذى بما يوجه إليه، ينطبق عليه بيت الشعر القائل :
كنْ كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا
يُرمى بصخرٍ فيُلقي أَطيبَ الثمرِ
يعتبره البعض بشخصية ذات خبرة كبيرة في مختلف المجالات ، لخبرته الواسعة في الإدارة و التعليم ؛ كونه واحد من أقدم مدراء المدارس في الطفيلة ، صاحب فكر سياسي من الطراز الرفيع للغاية ؛ كونه من مؤسسي حزب البعث العربي الإشتراكي في الطفيلة، ذا الصيت الذائع في إصلاح ذات البين ، كونه شيخٌا مفوها ذا هيبة و وقار ،يرأس مجلس عشائر الحوامدة في الطفيلة و خارجها ، فقد كان يترأس جاهات الصلح في الطفيلة و خارجها ، كونه يعسوبُ في قومه من الرعيل الأول القديم جدا ، و أحد أبرز أعلام الطفيلة القدامى ممن يمتلكون لسانا دافئا لا يضع الكلمة إلا في نصابها ، يزنها قبل أن تتهادى من فيه ، يستمع للكبير وللصغير فلا يرد أحدا يسأله و لا مستغيثٌ يطلبه .
يصنفه البعض بقامة تربوية وطنية عشائرية حزبية إجتماعية تطوعية من النسق الفخم ، تجمع ما بين القيادة العشائرية و القيادة السياسية ، تميزت بالمثابرة و الجهد في العمل الوطني و العمل العشائري ، من المستوى الرفيع للغاية ، يجيد في صيد جواهرها و يعسوبُ في رحيق معانيها و تنوع فروعها ، تميز بشخصيته الوطنية ذات البعد الإجتماعي و التربوي والسياسي .
درس في دار المعلمين في رام الله ، عين عام ( ١٩٥٥ ) في الشوبك / جنوب الأردن قرية مخطوب معلما ، أي قبل زهاء ( ٦٨ ) عاما وهو من مواليد عام ( ١٩٣٧ ) وله من الأبناء( ٤) والبنات (٧) صخر ،معاوية ،أمية ،صفوان ، سمر ، سحر، سناء ،وفاء ،صفاء ضياء ، دعاء ، حيث توفي عام ( ٢٠١٢ ) و تزامنت وفاته مع وفاة الشيخ عبدالله العوران- رحمهما الله - حيث شهد ذلك اليوم أجواء غريبة من غبرة و تغير في الطقس و أمطار غزيرة و كأنها تشارك الحزن على فراقهما، و الله تعالى أعلم .
يقال بأنه كان يذهب إلى مدرسة صنفحة الإبتدائية مشيا على الأقدام عندما كان معلما في قضاء الطفيلة التابع للواء الكرك آنذاك ، برفقه التربوي الراحل ابراهيم القطاطشة رحمهما الله ، فقد كان يعامل الطلبة كمعاملة الأب لابناءه حريصا عليهم ، يحثهم على الدراسة شديد في مواقف الشدة ، ولينٌ في أوقات اللين ، فهو ليس بالصلب فيكسر وليس باللين فيعصر ، بينما كان يذهب إلى الشوبك و القادسية و السلع راكبا على فرسه في عمله في قطاع التربية .
كان يطلب منه من أبناء عشيرة الحوامدة من هم متواجدون في محافظات إربد و جرش و الكرك و المفرق و ذيبان و ناعور لترأس و المشاركة في كثير من جاهات الصلح بحكم أنه كبير عشيرة الحوامدة في الأردن ، و رجل تربوي مخضرم ، تشهد له ميادين التربية والتعليم في الأردن و خارجها ، فهو قدوة يحتذى في الإخلاص و التفاني ، و صاحب مقام عالٍ رفيع في الطفيلة و خارجها ؛ فهو يحظى بإحترامهم و تقديرهم ، مما جعله يكون أحد أعمدة عشائر محافظة الطفيلة البارزين ممن تركوا تاريخا مشرفا تذكره الأجيال بأنه قامة عشائرية معروفة على مستوى الوطن و شيوخ العشائر في الأردن و سياسي محنك من النسق الفخم ؛ كونه حزبي قومي عربي معروف من مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي ابتداءً من عام ( ١٩٥٤ ) حتى عام ( ٢٠١٢ ) .
عاش معظم حياته متطوعا في العمل السياسي و العشائري و الإجتماعي ، فقد كان يترأس أغلب جاهات الإصلاح في الطفيلة و خارجها ، نظرا للسمعة الطيبة التي يحظى بها في الأردن و خارجه .
كان حكيما مفوها ،و علما جريئا ، عاش بداية حياته في ظل ظروف تربوية و سياسية و معيشية صعبة كانت تعيشها الطفيلة في تلك الحقبة .
إنتسب لحزب البعث العربي الإشتراكي عام ( ١٩٥٤ ) و كرس حياته للعمل التطوعي و الإجتماعي و السياسي و العشائري و لكنه لم يسع في يوم من الأيام أن يكون له موقعا وظيفيا في الحزب ، و دائما ما يشرف على تنظيم المجموعات الحزبية ، و لا يطلب أكثر من ذلك ، فقد كان متواضعا ، حيث يتصف بالإيثار؛ و يعني تفضيل غيره على نفسه ، حيث كان دقيقا في عمله، و يستمع إلى أدق الملاحظات و أي نصائح و لو كانت من أصغر الناس سنا وقدرا ، فقد كان يعمل و كأنه عسكري محنك .
كان مكتب الحزب لا يستطيع دفع أجرة مراسل في المكتب ، فكان الراحل يقوم بكل شيء من تلقاء نفسه من تنظيم المكتب و تنظيفه و تجهيزه للإجتماعات و الندوات، كما يقوم بكرم الضيافة من جيبه الخاص رغم أنه كان كبيرا في السن مقارنه بغيره، توفي المناضل الكبير عام ( ٢٠١٢ ) في جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف و كان وقتها عضوا عاما في الحزب و عميد عشيرته التي أحبها و أحبته، حيث تعتبر من العشائر الكبيرة في الأردن لإنتشار العشيرة في عدة محافظات .
كان - رحمه الله - بمنزلة المعلم الوفي و المربي لطلابه و القائد للعاملين معه و الأب الحنون لأسرته التربوية .
في عام ( ١٩٥٥ ) تم تعيينه معلما في قرية أبو مخطوب في الشوبك ، حيث أمضى فيها سنة واحدة ، ثم بعدها انتقل عام ( ١٩٥٦ ) مديرا لمدرسة ضانا في الطفيلة و أمضى فيها ثلاثة سنوات .
و في عام ( ١٩٥٩ ) انتقل مديرا إلى مدرسة بصيرا ،بعدها عام ( ١٩٦١ ) انتقل مديرا إلى مدرسة السلع و تزامل في ذلك الوقت مع الراحلة هدى القطاطشة التي كانت مديرة مدرسة البنات في ذلك الوقت ، بعدها عام (١٩٦٤ ) انتقل مديرا إلى مدرسة صنفحة، حيث تزامل مع الراحل ابراهيم القطاطشه و مناهي العوران .
و في عام ( ١٩٦٨ ) إنتقل مديرا إلى مدرسة عيمة، و أمضى فيها (٥) سنوات و ساهم في تأسيس صف الأول ثانوي ، حيث كان أبناء عيمة يحبون الدراسة لدرجة كبيرة ، و كان الراحل الحوامدة يشجعهم كثيرا على الدراسة و إكمال تعليمهم ، وكانت المدرسة تضم نخبة من المعلمين الأفاضل: خالد عواد و عبدالسلام عواد و عبدالله رعود و محمد سليم عواد و ماجد العكايلة و تخرج من المدرسة معالي الدكتور صبري ربيحات ومعالي الدكتور راتب السعود و المهندس نعيم السعود و د. سلطان العكايلة ، حيث تربطهم علاقة وطيدة بالراحل الحوامدة ، حتى أن البعض منهم ما زال يتصل مع إبن الراحل صفوان و يحدثه عن مناقب المرحوم وصفاته الجليلة؛ كون الراحل كان مديرا عليهم في مدرسة عيمة ، فقد كان يشارك الناس أفراحهم و اتراحهم و كان الناس في عيمة يعتبرونه ملاذا يلجاْوون إليه وقت الشدائد .
وفي عام ( ١٩٧٢ ) انتقل مديرا لمدرسة الطفيلة الإبتدائية حيث استلم الإدارة من الراحل سيف العطيوي الذي استلم الطفيلة الاعدادية وكانت المدرسة جامعة لجميع الطلبة في ذلك الوقت، ثم في عام ( ١٩٧٣ ) مديرا لمدرسة الطفيلة الإعدادية ، حيث مرة أخرى استلم الإدارة من الراحل سيف الدين العطيوي حتى تقاعده عام ( ١٩٧٥)، و كانت المدرسة في عهده تضم نخبة من المعلمين الأكفاء منهم : علي عثمان الربيحات أطال الله في عمره ، مسلم الزغاليل مساعدا شافاه وعافاه ، والرحلون هم : صبحي العكايلة، صالح السعايدة ، خليل القطاطشة، زعل زنون، رحمهم الله
يصف البعض الراحل - رحمه الله - بأنه ذكي، و حاذق، و محاور بارع من طراز لا نظير له ، تميزه بالرزانة و الدقة أثناء عمله معلما و مديرا قبل عقود ، فقد كان مدير مدرسة على درجة عالية من الحكمة والبصيرة و الدراية و إلمامه بأساسيات أدب الحوار و النقاش ، خصوصا أنه أمتلك شخصية على مستوى عال من الثقافة أهلته أن يكون من الذين استطاعوا إثبات قدرته على قيادة العملية التعليمية في مدرسته بكل جدارة و استحقاق .
كان يُضرب به المثل في إدارته الحكيمة في إدارته التربوية للمدارس التي عين فيها مديرا ، فقد كان- رحمه الله -ملتزما بعمله في إدارة المدارس التي أدارها و أحبها واحبته لا يغادرها إلا عند الضرورة ، فقد كان يقوم بعمله كما ينبغي .
كان يشغل فكره بهم شمل العشيرة ، حيث تأتى له ذلك و تحقق قبل وفاته بفترة وجيزة من خلال اشرافه على تنظيم ديوان عشيرة الحوامدة و انتخابه في تلك الفترة رئيسا لمجلس عشائر الحوامدة في الطفيلة و خارجها ، حيث كانت عشائر الحوامدة خارج المحافظة يفدون إليه بإستمرار للحديث في أمور العشيرة و المساعدة في حل بعض القضايا والنزاعات التي كانت تحدث مع أبناء عشيرة الحوامدة والعشائر الأخرى ، فقد كان يتقدمهم في تقديم النصح والمساعدة و تقديم كافة أشكال الدعم بما فيها الدعم المادي الذي عُرف عنه ما بين العشيرة و خارجها ، فهو تميز بشخصية في غاية الزهد و الكرم الملفت للانظار ، فلا يكترث للمال، فلا يرد كبيرا ولا صغيرا عندما يطلبه ، فيعطي لمن طلبه دون وجود ضمانات أو شهود ، حتى قيل أن المبلغ الذي حصل عليه من جراء بيع أرضه في منطقة العيص على مؤسسة الإسكان ، قد ذهب سدادا لبعض الديون على بعض الأفراد والآخر قروضا لمواطنين كانوا يقصدونه، فيعطيهم دون ضمانات أو ما يسمى شيكات و كمبيالات، حيث كان يتجاهل في استرداد بعض الديون أو حتى أن يطلب من أحد ذلك مبتغيا الأجر و الثواب من الله تعالى .
حظي - رحمه الله - بإحترام منقطع النظير عند عشائر الحويطات/الجازي ،حيث يحترمونه ويقدرونه وكأنه شيخ قبيلتهم ، يدعونه بإستمرار لزيارة مضاربهم، و يقومون بعمل واجب الضيافة تكريما لمنزلته عند وجوه و مشايخ الحويطات ، و لسمعته الطيبة بين عشائر الطفيلة و لمكانته الإجتماعية في محافظة الطفيلة و خارجها ؛ لما قدمه من خدمات جليلة على صعيد عمله الإجتماعي و العشائري و التربوي ؛ كونه أشرف على تدريس الأبناء من عشائر الحويطات إبان تواجدهم في القادسية بالقرب من غابة الشيخ فيصل الجازي ، فقد كانت تربطه علاقة أخوية مع أفراد العشيرة وأبنائها الذين كانوا يفدون لمدرسة القادسية أثناء إدارتها .
عُلم عنه عندما كان يزور العراق، فأنه يلتقي بالرئيس الراحل صدام حسين و نائبه طه ياسين رمضان و وطارق عزيز وزير خارجيته بعض قيادات الحزب في مجلس قيادة الثورة، و المفارقة الغريبة العجيبة أنه ساعد في ابتعاث آلاف الطلبة من الطفيلة و خارجها على حساب جمهورية العراق ، بينما إبنه صفوان درس على نفقة أبيه و كان يزور في العراق يمتنع الالتقاء به منفردا، بل يصٌر على الإجتماع مع كافة أبناء الأردن الذين كانوا يقدرون زيارته ويحترمونه و كأنه بمثابة الأب الذي يسأل عن ولده .
عاش حياته مناضلا رفيقا مصلحا إجتماعيا ساهم في حل كثير من النزاعات العشائرية في محافظته و محافظات المملكة ، فقد كان على إتصال مباشر مع شيوخ عشائر الأردن، قدم إنجازات على مستوى الوطن إجتماعيا كانت محط إعجاب و تقدير أبناء المحافظة و الوطن لا سيما على صعيد العمل الخيري و الجمعيات أو على صعيد دراسة الطلبة الأردنيين وأبتعاثهم على نفقة العراق و أمور أخرى بقيت في ذاكرة الطي والكتمان .
في عام (١٩٧٥) ترشح للانتخابات البلدية في محافظة الطفيلة وفازت كتلته بالانتخابات مناصفة مع كتلة الشيخ عبدالله العوران، حيث أتصف في تلك الانتخابات بالايثار، فقدم استقالته متنازلا للكتلة الأخرى خدمة للطفيلة و شعبها ، و لا شك أنه بهذا التنازل قد جعل مصلحة مدينة الطفيلة ضمن سلم أولوياته و جعل الجميع ممن فازوا من الكتلتين يتحملون أمانة خدمة الطفيلة و جعل تقديم الخدمة لأبنائها ضمن نصب أعينهم .
عُلم عنه زهده في المناصب و كرمه الشديد في ماله منذ بدايات عمره ، حيث يذكر البعض أن الراحل كان في بدايات حياته قد انقطعت الكهرباء عن بيته و هو خارج البيت ، فلم يكن وقتها صاحب مال و لا جاه ، ويقال أنه عندما حضر لم يكن بالبيت إلا ( ٢٠ ) دينارا كانت أم صخر - رحمها الله - تدخرها ، و كانت الكهرباء مفصولا انذاك اعطته هذا المبلغ لكي يراجع الكهرباء لإعادة التيار الكهربائي، صادفه أحد المواطنين ممن استغاث به من الذين يشتكون الفقر و كان مطلوبا للسجن ؛ نظرا لأنه مديون مبلغ بقيمة( ٢٠) دينار و كان صاحب المبلغ قد رفع على هذا الفرد قضية في المحكمة ، فلمَ طلب من الراحل أبي صخر ، مشى معه للمحكمة و دفع عنه المبلغ لمنعه من دخول السجن ، فعاد الراحل لبيته وبقيت الكهرباء مقطوعة دون إيصالها لمدة طويلة .
نشط الراحل في عدة جمعيات خيرية و تعاونية و زراعية ، كانت تقدم الدعم بكافة أشكاله لأبناء محافظة الطفيلة ، كما نشط في جمعية الهلال الأحمر مع كوكبة من الرعيل الأول القديم أمثال: عايد العمايرة ، سعود الهريشات ، عبدالمهدي العدينات، و مسلم الزغاليل، أطال الله في أعمارهم وكساهم ثوب الصحة و العافية ، و سيف العطيوي و سالم العطيوي - رحمهما الله - و بعض أبناء الطفيلة الذين كانوا نشطاء في هذا الجانب ، خاصة بعد حرب عام ( ١٩٦٧) .
حضر العديد من المؤتمرات الزراعية و السياسية التي عقدت في عمان ، فقد كان ممثلا عن كثير من القطاعات، علاوة على عمله في تربية الأغنام و الزراعة .
تحظرني الذاكرة قبل (٩ )سنوات عندما كنت برفقة أحد مدراء التربية والتعليم في ذلك الوقت في تغطية إعلامية لإحدى فعاليات المدارس ، وجرت العادة أن أدون معلومات المناسبة أو أية فعالية من المشرفين عليها من المعلمين و المعلمات في كل مدرسة ، وقتها شاهدت معلمة تظهر عليها صفات القيادة و الدراية ، فقد كانت ترحب بالضيوف و تساعد في تنظيم الفعالية، و كانت على درجة عالية من الثقافة، عندما أنتهت المناسبة، كنت أحسبها مديرة المدرسة إلا أن مدير التربية أوضح أنها معلمة في المدرسة و هي إبنة الراحل لطفي الحوامدة، فلم أكن أعرف الراحل في ذلك الوقت للأسف، و بعد سنوات أصبحنا نسمع من قريب عن مساعدة مديرة مدرسة صاحبة شخصية فريدة ، حيث أن أحدى بنات أختي قالت:" إنه ليحزنني أن افارق المدرسة بسبب وجود معلمة لها كاريزما و تعامل اشبه بالأم الحقيقية " فقلت لها : ما أسمها ؟ فقالت :" وهي في غاية الفرح والسرور أم حسن سناء لطفي الحوامدة " فأجبتها مباشرة :"لا غرابة يا بنيتي لعلها مزجت ما بين شخصية والدها في الكرم و الطيب والقيادة و ما بين شخصية والدتها -رحمهما الله - في الحنان و اللطف واللين والرزانة .
لا أخفيكم أنني تقصيت عن هذه الشخصية منذ أكثر من أسبوع باحثا، عن سيرة الراحل ، فطوبى لهذه السيرة التي نورت هذه الإنجازات بعطاء راحلنا قل نظيره ، وبخاصة أنه من الرعيل الأول الماسي في حقول التربية و الاجتماع و السياسة .
واخيرا تنحني هاماتنا للرفيق المناضل الفاضل المرحوم بإذن الله احترامًا وتقديرًا ، فقد كان أبا صخر واحدًا من جيل المربيين و المعلمين الأفاضل المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة، الناكرين للذات، من ذلك الزمن الجميل الذي يتميز برزانته و بريقه ، فقد فارقت الدنيا بعد مسيرة عطاء زاخرة بالإنجازات ، ومشوار حياة في السلك التعليمي و العمل التربوي و التطوعي الإجتماعي و العشائري و الحزبي، تاركاً سيرة عطرة، نتداولها في زماننا هذا الذي تغيرت فيه المسميات، أصبح فيه الكرم يقتصر على فئة محدودة من الناس و هذا العجب العجاب .
نسأل الله لك المغفرة يا أبا صخر ، والرحمة ، والعفو ، وجزاك الله خيرا على ما قدمته لمحافظة الطفيلة والمحافظات الأخرى من إرث حافل بالإنجازات من علم وإصلاح ذات البين وأعمال اجتماعية وخيرية و تطوعية سوف تبقى محفورة في ذاكرة التاريخ و سوف تبقى سيرتك النقية المليئة بالتجارب الحياتية وخبرات الحياه وذكراك الطيبة، وروحك النقية، وإرثك من القيم والمثل النبيلة ، شاهدة على رمز من رموز الطفيلة و الوطن .