رفض الأردن أي تغيير على ولاية الأونروا، أو المس بصلاحياتها أو أي انتقاص أو تجيير لخدماتها، وأكد نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي للمفوض العام للوكالة فيليب لازاريني في اللقاء الذي جرى بينهما «أن تقديم هذه الخدمات هي مسؤولية حصرية للوكالة بموجب ولايتها من قبل الأمم المتحدة، وأن صلاحياتها ومسؤولياتها غير قابلة للتفويض».
وبذلك يكون الأردن قد رفض تصريحات لازاريني الصادرة يوم 23 نيسان 2022 وهي رسالته الموجهة للاجئين، وقوله حرفياً:
«يمكن للمرء أن يظل يأمل في ألا يحدث الانهيار المالي للوكالة، أو يمكن أن نعترف أن الحالة الراهنة لا يمكن الحفاظ عليها، وستؤدي حتماً إلى تآكل نوعية خدمات الأونروا أو الأسوأ من ذلك أن تؤدي إلى انقطاع هذه الخدمات، وأنا مقتنع أن عدم القيام بأي شيء سيضر أكثر مما ينفع».
وذهب لازاريني إلى أخطر من تقديراته البائسة هذه بقوله: «زيادة الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة الأوسع إلى أقصى حد، ويكون هذا الخيار حول إمكانية تقديم المؤسسات الأممية خدماتها نيابة عن الأونروا وتحت توجيهها، بما يتماشى مع الولاية التي تلقتها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، فمثل هذه الشراكات تملك إمكانية حماية الخدمات الأساسية وحقوقكم من نقص التمويل المزمن».
رسالة المفوض الأممي لم تحظ بأي استجابة، لا من قبل اللاجئين، ولا من قبل البلدان المضيفة، وكان الرد الفلسطيني واضحاً من خلال ما صدر عن اجتماع اللجنة الفلسطينية العليا المنبثقة عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والتي بحثت في اجتماعها يوم الأحد 5 حزيران 2022، تصريحات المفوض العام للأونروا حول تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية، وقد رفضت اللجنة ما ورد في رسالة فيليب لازاريني الموجهة للاجئين الفلسطينيين يوم 23/4/2022، حول زيادة الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة للقيام بتقديم الخدمات نيابة عن الأونروا وتحت إشرافها، واعتبرت تصريحاته تجاوزاً وتخطياً لصلاحياته التي أُسندت إليه بوصفه موظفاً تنفيذياً مسؤولاً أمام الجمعية العامة عبر سير عمل الأونروا وبرامجها الخدماتية والتشغيلية وفق المادة 9 من القرار 302، ومساساً بمكانة الأونروا واستمراريتها وبقائها، كشاهد على جريمة إقتلاع نصف الشعب الفلسطيني من وطنه وأرضه، وضرورة تنفيذ حقه في العودة إليها وفق القرار الأممي 194.
وطالبت لجنة منظمة التحرير المفوض العام للأونروا التراجع عن رسالته وتصريحاته، والبحث عن نماذج تمويل جديدة لحشد الموارد المالية لتغطية العجز، وتأمين تمويل مستدام يعزز دور الأونروا للقيام بمهامها الموكلة إليها وفق التفويض الممنوح لها بالقرار 302.
القلق الأردني والفلسطيني مشروع، والمؤامرات على فلسطين وشعبها، وعلى قضيتي العودة والاستقلال متواصل لا ينقطع، ولكن ذلك يجب النظر إليه والتوقف عنده باعتباره عناوين للصراع بين المشروعين المتصادمين: 1- المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، 2- والمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وهو لن يتوقف طالما ثمة ظلم ومس وإجحاف بحق الفلسطينيين.
لقد أقدم الرئيس المهزوم ترامب على محاولة متطرفة تستهدف المس بالفلسطينيين خدمة للمستعمرة الإسرائيلية، ولكنه لم يتمكن من تحقيق هدفه، وقد لبى نسبياً الرئيس بايدن وإدارته الديمقراطية جزءاً من مطالب الفلسطينيين مهما بدت متواضعة، بعودة الدعم للأونروا وللسلطة الفلسطينية.
صمود الفلسطينيين، وبسالتهم الكفاحية، وعدالة مطالبهم، حقق لهم إنجازات تراكمية لصالحهم، مقارنة مع تراجع الدعم الدولي للمستعمرة التي تزداد تطرفاً وعنجهية، وتزداد الإدانة لهم من قبل: 1- بتسيلم الإسرائيلية، 2- آمنستي البريطانية، 3- هيومن رايتس ووتش الأميركية، 4- مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة.
مهما بدت المستعمرة قوية ولكنها تتراجع والغد الأفضل لفلسطين ولا خيار آخر.