الزغول: ستكون جدة فرصة للدول العربية بأن تقدم مشروعها الأمني للولايات المتحدة وتحصد نتائجه مقابل ما ستقدمه من آمن للطاقة عالميا
تعيش ادارة بايدن أزمة في إحداث توازن في مصالحها بين إحياء الاتفاق النووي والعلاقة مع دول التحالف العربي، ومصالحها الملحة في الخليج تضغط بقوة لخلق علاقة أقوى مع التحالف العربي ما يمهد للضغط على المعسكر الموالي لايران داخل الولايات المتحدة، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال الاستغناء عن علاقتها مع الشرق الأوسط كما كان يمَهدُ له، حيث ستغير ملفات الدول العربية الساخنة موازين القوى في الغرب والشرق وهذا ما سيدفع إدارة بايدن لخلق اتجاه جديد نحو المنطقة العربية بعد أن أربكته الحرب الروسية في أوكرانيا.
"جولة الصوت العربي الواحد"
تحركات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المنطقة العربية ستساهم في تسهيل الحلول للأزمات الإنسانية فيها وهي جولة تظهر حجم المسؤولية والثقل السياسي للسعودية في المنطقة وضرورة التوافق على إيجاد حلول حقيقية لما يهدد الوجود العربي بعد أن خيبت جلسة مجلس الأمن الأخيرة الآمال بعدم تطرقها للدور الإيراني التخريبي في المنطقة، فلم يتمكن المجلس حتى اليوم رغم قراراته المتعددة وقف شحنات الأسلحة الإيرانية ومخططات التدمير التي تنفذها مليشيات ايران في اليمن والعراق ولبنان وسوريا حتى فقدت منطقتها العربية الثقة بما يمكن أن تفضي عنه تلك الاجتماعات.
تنسيق السعودية مع الأردن ومصر وتركيا جاء لطرح حلول وتصورات تنسجم مع المصالح العربية بعد أن أنكر بايدن الأهمية الاستراتيجية للمنطقة لصالح الصعود الصينى والمفاوضات مع إيران وهناك تراكمات لا بد من علاجها بعد أن رفعت ادارة بايدن الصفة الإرهابية عن الحوثيين وتجاهلت هجماتهم على الخليج ما قوض الثقة فى التزاماتها الأمنية تجاه المنطقة العربية لصالح اتفاقها مع ايران والذي وصل الى طريق مسدود ورفع من حدة الخطاب بينهما وفتح السيناريوهات على المجهول.
("قمة جدة" محطة تحول للقضايا الكبرى)
ستتوج قمة جدة التحول الذي حدث للسياسات الأميركية التي اتخذت مع ادارة بايدن طريق عدم الاهتمام بدول المنطقة، وستكون جدة محطة استراتيجية لادارته لتناقش مع الدول العربية أزمة الطاقة العالمية والأمن الإقليمى ما سيحدث نوعا من التوازن في العلاقات مع ايران، فالخليج وحده قادرٌ على تعويض ما أحدثته الحرب الروسية في أوكرانيا من إرباك في الوصول إلى الغاز والنفط .
ستكون جدة فرصة للدول العربية بأن تقدم مشروعها الأمني للولايات المتحدة وتحصد نتائجه مقابل ما ستقدمه من آمن للطاقة عالميا حيث وضعت على رأس أولوياتها طريقة التعامل مع ايران والوضع في سوريا ولبنان والعراق واليمن وموقفها من القضية الفلسطينية بما يحقق السلم والاستقرار وعلى ادارة بايدن أن تعدل مسارها بما ينسجم مع تطلعات التحالف العربي وأن تقدم التزاما أكبر بأمن المنطقة بعد سنوات من تجاهل قضايا الدول العربية الاقتصادية والدبلوماسية.
"أمن الأردن والسعودية"
سهل الأردن زيارة الرئيس بايدن إلى السعودية التي تدرك الدور الدبلوماسي الذي تمارسه المملكة في جميع هذه الملفات الأمنية وتتشارك معه في الرؤية لإحلال السلم والأمن حيث يشكل الأردن حاجزا هاما جدا لحدود السعودية الغربية ومن الضروري المحافظة على أمن الأردن الذي يقف سدا منيعا بقيامه بالعمليات الأمنية المكثفة ضد المليشيات المتطرفة على الحدود وتولي السعودية أهمية كبرى للأردن واستقراره في ظل حالة عدم الاستقرار في عدد من الدول العربية.
وزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الى الأردن فتحت الباب للتعاون الاقتصادي بشكل أكبر وتحريك الاستثمار السعودي في المنطقة والأردن الذي حصل على الدعم السعودي في مجالات الطاقة وبناء سكك حديدية من العقبة إلى منطقة الماضونة ومن العقبة إلى مدينة نيوم السعودية التي تأتي ضمن الرؤية الاقتصادية التي يتبناها ولي العهد السعودي الذي أكد أنها مرحلة جديدة من التعاون لمصلحة الأردن والسعودية
"خفض أسعار الطاقة لاستمالة الناخبين "
الملف الأبرز لبايدن اليوم خفض أسعار البنزين الأمريكية التي ارتفعت بشكل حاد والتي ستؤثر على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي في الثامن من نوفمبر المقبل حيث سيعاد انتخاب كافة أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضوا، مقابل ثلث أعضاء مجلس الشيوخ البالغ 35 مقعداً من أصل 100 وستشمل الانتخابات الاقتراع على مناصب 39 حاكم ولاية، وأكدت استطلاعات الرأي أن انتصار الجمهوريين في مجلس الشيوخ على الأقل شبه مؤكد حتى الساعة، انتخابات ستسبب لبايدن عواقب سياسية لا يمكن تداركها إن لم تتمكن إدارته من إحداث التوازن المطلوب، فما حجم التنسيق الذي ستقدمه واشنطن لتحصل على ما تريده من إنتاج المزيد من النفط وتحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية؟ هل سنشهد سياسة أمريكية أكثر قوة اتجاه إيران بالتنسيق بين واشنطن وعواصم الإقليم العربية أم ستكون ملفات ادارة بايدن مختلفة نوعا ما ؟