مضت ستة شهور الآن منذ بداية العدوان الروسي على أوكرانيا، ومنذ 24 فبراير الفائت وروسيا تتكبّد الخسائر المتتالية، وكلما شعرت روسيا بالحرج الدولي تجاه صورتها العسكرية أخذت تقصف الأحياء السكنية في أوكرانيا وتقتل المدنيين العُزّل وترتكب في حقهم الإبادة الجماعية الوحشية.
ستة شهور أثبت فيها الأوكران أنهم شجعان، لم يستسلموا فيها للطغيان الروسي، ولم يجبنوا تجاه الآلة العسكرية والترسانة الروسية الضخمة، وقاتلوا من أجل كرامة بلادهم بلا تردد وبلا هوادة.
والستة شهور تلك التي مضت بانت فيها عورة الآلة العسكرية الروسية، وأن مقولة «الجيش الروسي ثاني أقوى جيش في العالم»، لم تكن صحيحة أبداً، وهي مقولة أخرجتها ونشرتها عالمياً الاستخبارات الروسية. حيث استطاع الأوكرانيون أن يُدمّروا السفينة (موسكفا) أقوى وأشهر السفن الحربية الروسية، دمروها وهي تقف في عرض البحر رغم أنه على سطحها نظامان صاروخيان للإنذار! ولقد غرقت بالكامل ومات من طاقمها الذي كان يعمل عليها أكثر من 470 جندياً بحرياً، والمضحك أنه لم تقم لهم روسيا أي جنازة رسمية حتى الآن!
ومنذ أيام عدة، استطاع الأوكران تدمير نصف طائرات الأسطول الروسي في قاعدتها العسكرية في جزيرة القرم المحتلة، واستطاعوا أيضاً تدمير مخزناً ضخماً للأسلحة الروسية احترق بالكامل ولم يتبق منه شيء.
ولقد نجح بامتياز الفريق الأوكراني المتخصص من قوات العمليات الخاصة التابعة للاستخبارات العسكرية بأن يغتال الكثير من الجنرالات والقادة الروس المشهورين على الأراضي الأوكرانية، من بينهم الجنرال ياكوف ريزانتسيف، صاحب أعلى رتبة من بين القتلى، والذي تفاخر سابقاً بأنّ الحرب في أوكرانيا ستنتهي في غضون ساعات!
واستطاع الأوكران في الأيام القليلة الماضية أن يُحرّروا أكثر من 52 منطقة ومدينة وقرية كانت تحتلها القوات الروسية، وما زال الجيش الأوكراني يحرّر ببسالة العديد من المناطق المحتلة حتى هذا اليوم. ولقد أعلنت سابقاً هيئة الأركان العامة الأوكرانية، أن حصيلة خسائر الجيش الروسي من الجنود بلغت أكثر من 31 ألفاً و250 قتيلاً منذ بداية هجومه على أوكرانيا، وتم تدمير أكثر من 211 طائرة و176 مروحية و1386 دبابة و3400 عربة مدرعة و690 مدفعية و207 قاذفات صواريخ و96 نظام دفاع جوي، و551 طائرة من دون طيّار.
وكلنا نتذكّر في أول أيام بدايات العدوان الروسي على أوكرانيا كيف عجز الجيش الروسي في عُدته وعَتاده من دخول واحتلال العاصمة الأوكرانية كييف، بينما كان القادة العسكريون الروس يُصرّحون قبل ذلك بأن اقتحام العاصمة كييف واحتلالها سيكون خلال ساعتين فقط!
والجيش الروسي الآن في داخل أوكرانيا يتلقى ضربات قاتلة في كل أجزائه، خصوصاً بعد وصول أسحلة كثيرة متنوّعة ومتطوّرة في يد الجيش الأوكراني، الأمر الذي جعل الروس في كل يوم يخسرون الكثير من الأرواح والآلات العسكرية، والجيش الروسي معظمه يتمركز الآن في شرق أوكرانيا باتجاه المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الأوكرانيون الموالون لروسيا، ولن يطول بقاؤهم هناك.
في نهاية المقال، ألقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في يوم الأربعاء الماضي 24 أغسطس 2022، في ذكرى استقلال أوكرانيا خطاباً جاء فيه: «كل يوم جديد هو سبب لكيّ لا نستسلم، بعد هذه الرحلة الطويلة ليس لدينا الحق في ألا نستمر حتى النهاية. ما هي نهاية الحرب بالنسبة لنا؟ اعتدنا أن نقول السلام، والآن نقول النصر، ولن نسعى للتفاهم مع الإرهابيين».
ما قاله الرئيس زيلينسكي في تلك الكلمات شيء كبير جداً وجديد في طرحه، حيث يرمز إلى أن زمام القوة في المعركة الآن في يد أوكرانيا، وأن لا سلام مع روسيا، فقط إما الانتصار أو القتال حتى النهاية.