حيّاك الله يا وطني ، يا مضرَّجاً بالسهام والطعنات ، أثخنوا فيك الجراح ، وتنادى الحاسدون (لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب) انتقاماً من فضائلك ، وليس كُرهاً بأخطائك ، يا وطناً يقفُ على حدٍّ السيفِ ، في حضن الصحراء المجدبة ، إلا من قوّة إرادة الرجال ، يا وطناً محفوفاً بأطراف الرماح ، محاصراً بأنهار دمٍ بين دجلةَ والفراتِ وأطلال الشامِ وجبالَ فلسطين ، يا وطني إن الغيظَ يقتلهُم كَمَداً ، لبقائِكَ كالرمحِ شامخاً وكالعنقاءِ شاهقاً ، حكموا عليكَ بالقتلِ ، فقذفتكَ أمُّك في اليمِّ ، فالتقطك الأعداءُ لتعيش في كنفِ القصور بدلاً من عتمة القبور ، يا بستان المجد العابق بالنوّار ، و يا نارُ كوني برداً وسلاماً على وطني .
أعداؤك يا وطني ، تقتلهم حمّى الظهور على حساب قواعدِ الإخلاقِ ، أعداؤك يا وطني حمولةً زائدةً على هذه الأرض ، أصحاب سيرة مَرَضِيَّةٍ متأخّرة ، يعانون من مزيجٍ معقّدٍ من الأمراض النفسية ، يشوّهون الحقَّ ، يزينون الباطلَ بزخرفِ الألفاظ ، هم وسائل هدمٍ وتخريب ، عوامل تهييجٍ وإثارةٍ ، أصواتُ قدحٍ رنَّانةٍ ، قضيتهم تتلخص بالنقود ، وقضية الوطنِ قضيَّة وجود ، يبثّون حرباً إعلاميةً مسمومةً ، يبشرون بالجوعِ والظمأ ، ويبشّرهم الوطن بنضوج الرؤيا واتزان القرار ، وسنابل القمح وانفجار ينابيع الماء وآبار النفط ، هنالك بشرٌ بنوا أنفسهم على الهوى ، وتوافقوا مع الشيطان ، إمتهنوا (زخرفَ القولِ غروراً) ، والوطنُ تحالف مع الرحمن واستعاذ بالله من الشيطان ، قال تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) .
يا وطني يا رمحاً صائباً ممشوقاً ، يكرهون فيك مجد التاريخ وأصالة الحسب والنسب ، ويرفضون كما رفض أبو جهل ثورة فكرية هائلة سياسيةً اقتصاديةً إدارية ، يختارونك لوقتٍ معيّن ، وأنت يا وطني في غنىً عنهم في كلِّ الأوقاتِ ، الوطنُ قويٌّ ، والمغفرةُ من شِيَمِ القويِّ ، تجاهل يا وطني أبناؤك الذين خذلوك لعلهم يرشدون .