* قبل أيام قرأت على شاشات احد الفضائيات أن سكان العاصمة عمان لوحدها يشكلون 42% من مجموع سكان المملكة ، وهنا لا بد من التوقف عند دلالات هذه النسبة التي تحتاج إلى وقفة مراجعة من خلال التساؤلات التالية :
- هل يعقل ان محافظة العاصمة لوحدها تشكل 42% من سكان المملكة....؟. بالمقابل هناك 11 محافظة لا يقطنها سوى 58% من سكان المملكة....؟.
- هل يعقل ان مساحة محافظة العاصمة عمان 7579 كم٢ ، وعدد سكانها قرابة 4,6 مليون نسمة معظمهم متركزون في قصبة عمان وهذا هو سبب الازدحام ، وبكثافة سكانية تصل إلى 250 نسمة في ال كم٢.
- هل يعقل ان محافظة في الجنوب والتي تصل مساحتها 32.500كم٢ ولا يقطنها سوى 175 الف نسمة وبكثافة سكانية لا تتجاوز 5.1 نسمة في ال كم٢ الواحد .
- إلى متى تبقى محافظات الجنوب والبوادي الاردنية طاردة للسكان وطارة للتنمية ؟. وتبقى عمان وحدها جاذبة للسكان والاستثمارات والتنمية.
- في ندوة تلفزيونية قبل أشهر تحدث فيها بعض المهندسين والخبراء ان عمان "كربجت".اي السيارات ستقف يوما ما في الشوارع دون أن تتحرك والسبب هو تعثر التخطيط العمراني والتركيز على المركز وتهميش الأطراف .
- جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه وفي كل جولاته الميدانية يقول للحكومات المتعاقبة اخرجوا إلى الميدان وتلمسوا حاجات الناس واستمعوا لمعاناتهم واعقدوا اجتماعاتكم في الاغوار والارياف والبوادي وانقلوا الاستثمارات إلى المحافظات التي تعاني من الطرد السكاني...فأين انت ايها المفكر والمخطط الاستراتيجي من كلام وتوجيهات سيدي جلالة الملك عبدالله الثاني .....!!!؟
* معظم الدول التي ازدحمت عواصمها تم نقل العاصمة إلى مدن أخرى ، فعلى سبيل المثال تركيا نقلت عاصمتها من اسطنبول إلى أنقرة، وباكستان نقلت عاصمتها من كراتشي إلى اسلام آباد ، وتايلاند نقلت من ايوتايا إلى بانكوك، ومصر تعمل إلى الانتقال إلى العاصمة الإدارية/ القاهرة الجديدة .
* هل يعقل ان الأطراف والمناطق النائية والمناطق الحدودية لازالت تعاني من تعثر مشاريع التنمية ، مما زاد من معدلات البطالة واتساع جغرافيا الجوع وجغرافيا الفقر مما اجبر المواطن ان يرحل من الطفيلة ومعان والشوبك والرويشد وعجلون والبادية الشمالية والجنوبية والوسطى إلى العاصمة عمّان وإنفاق دخله على أجور السكن أو قروضه بدلاً من عودته لمحافظته وباديته والاستقرار فيها والمساهمة في تنميتها وهكذا. ..
* إلى متى تبقى الأطراف طاردة والكثافة السكانية قليلة جدا ، بينما العاصمة عمان تتواجد فبها كل الاسواق المالية والبورصات والمولات ومعظم الاستثمارات ومعظم الادارات الحكومية والوزاراتوالجامعات والمدارس والمصانع والشركات ..، وهذا الذي جعل عمان ان تزدحم وتكربج ، والمحافظات الأخرى لا زالت طاردة للسكان وتزداد فيها جيوب الفقر والبطالة .
* واخيرا اقول..هل المخطط والمفكر الاستراتيجي يدركان ان تفريغ الأطراف من السكان وغياب الاستثمارات ومشاريع التنمية ستكون له تداعيات امنية حقيقية حيث أن مساحات الأطراف الجغرافية المفرغة من السكان والتنمية تعتبر خواصر ضعيفة للتهريب والاختراق وحواضن للمجاميع الإرهابية العابرة للحدود ، مما يؤثر على آمن واستقرار الأمن الوطني والأمن المجتمعي الأردني ...