هذه الحالة فيها دهاء وذكاء، الجوع والفقر عنوانها، وحتى لا أنساها وعلى اعتبار سولافة تجر سولافة أردت أن اقصها الليلة قبل ما يطويها النيسان وتتكالب على ذاكرتي فوادح الأحداث .
حدثنا أهلنا فيما مضى أن رجلا وزوجته من الفقراء المعدمين كانوا يعيشون في خربوشهم لا يجدون شروى نقير، في ضحى يوم صقيع وشراقي عضهم الجوع ، للجوع عضات لا يعرفها كل الناس.. فكروا كيف يقتاتون في يومهم ذاك، ضاقت بهم سبل الأخذ والرد.. حتى اهتدوا إلى حيلة غريبة.
اتفق الرجل مع زوجته أن يتشاحرا فتهرب هي وتلجأ لجيرانهم كي يحجزوه عنها، في أثناء تدخل الجيران وإنشغالهم - يتضح أنهم أيسر حال من جوعى قصتنا- تقوم الزوجة بسرقة سمن من عكتهم، العكة عبارة عن جلد جدي يُنظف َيُدبغ و يُحضر لحفظ السمن في حياة الترحال قديما.
الزوج يتهدد أمام البيت على زوجته، والله لأذبحها.. أساوي.. أقطع.. أطلق وما هنالك من تهديدات .. والجيران يحجزون بكل مروءة وبراءة .. وحد الله يارجل..الخّير يقول ويّغير... في تلك الأثناء كانت المرأة تحاول جهدها مستعجلة إنهاء المهمة، لكن السمن جامدا لم تستطع إخراج شيئا منه.. عادت على أساس هجمة مرتدة لتشتم زوجها من وراء الحجيزة فقالت : تسب أبوي.. والله لألعن أبوك.. ياولد جمدو.. كانت تلك الشتيمة رسالة منها لزوجها تفيد بتعسر الأمر بسبب انجمادزإ السمن ... فهم الإشارة من فوره، رد عليها مهاجما ليعطيها الحل فقال : أنت تسبين أبوي.. والله لألعن أبوكِ يا بنت إنخشيه بعود... تظاهر بالغضب أكثر كي يشغل الجيران عنها، باشرت بناء على ماهداه تُخرج ما تستطيع من السمن بعود وجدته في البيت ... بعدما اطمئن وهو يراقبها من بين من يحاولون ثنيه عن ضربها على نهاية العملية وبعد أن لفت السمنات برغيف خبز ووضعتهم في عبها.. تظاهرا بالهدوء والإستجابة لواسطة التهدئة وسماع النصائح و التصالح....الله يلعن إبليس.. الشر من شرارة
طوى الملف و عادا سريعي الخطى إلى الخربوش كي يأكلان غنيمتهما البسيطة... ولد جمدوا وبنت إنخشيه بعود...كنت عندما أسمع القصة أحدث نفسي :كويس إنه ما كان عندهم أطفال ... الجوع كافر في ذاك الزمن وكل الأزمان..