سبقنا الشاعر التركي الاصل احمد رامي في التغني في الجنوب قبل اكثر 70 عاما حين كان يغار من نسمة الجنوب ، التي تتميز بالرقة وانها نسمة نادرة لان كل النسمات اغلبها يأتي من الشمال .
ونحن نغار من احمد رامي وليته كان معنا في رحلة الجنوب مع الصالون الثقافي الادبي الى الشوبك .ونستمع الى أم كلثوم تشدو :
أغارُ من نَسْمَةِ الجَنوبِ على مُحيَّاكَ يا حبيبي
وأَحْسِدُ الزَهْر حينَ يَهفو على شَفا جَدْوَلٍ لَعوبِ
الجنوب ليس ما هو جنوب الاردن فحسب جغرافيا ، وإن كان احمد رامي معلم جغرافيا في بداية حياته ، فالجنوب هو الارض والانسان في معادلة محكمة تجمع النخوة والشجاعة والكرم والاصالة .
التقينا حوالي ثلاثين شخصا من اعضاء صالون الدكتورة سهام الخفش ، والكثير منا لا يعرف هو من اين ولا يهم أحد منا ان كنت شرقيا أو غربيا ، ولكننا نحن في وحدة شعور وكأننا في جامعة وطنية نتوق لنتعرف على انفسنا في تجلي الاخلاقيات والمحبة ، والرغبة في التفاعل مع الثقافات بكل أطيافها لننسج لوحة وطن اردني هاشمي هو لنا و منا وعلينا ان ندرك كيف نستحق العيش فيه . .
كل ايادينا تشابكت ، في ارض الشوبك ، وكأنها دعوة لأن نتمسك ونتماسك أكثر ،وحتى أن أيادبنا ترجمت معاني الالتقاء وهي تمتد تغرس أناملها في منسف الشوبك الشهير نتلذذ بالطعم العريق ونتسامر في مقارنات وظفنا فيها خبراتنا في انواع وصنوف المناسف الاردنية التي في اغلبها هي ثقافة جنوبية يستحق المرء لأن يغار على هذه الأكلة التي في الحديث عنها نتحدث عن الخيل والسيف والفنجان ، ونستحضر ذكريات الارض والانسان ، ويبدأ الشريط بالعمل يبدأ بصورة سكر الشوبك وهو يصل الى فلورنسا في فرنسا ، أو وقع خيل صلاح الدين تثير نقعا في ارضها على طريق تحرير الارض ، ولكن أيضا نتذكر أن أول سرية اردنية في حرب فلسطين عام 1948 دخلت الى البلدة القديمة في القدس هي بقيادة ابن الشوبك الرئيس مصطفى ابراهيم الشوبكي ، وأن أول من وصل الى داخل بلدة السموع في 13 تشرين الثاني 1966 في ذلك الهجوم الغاشم عليها هو الرئيس محمد ضيف الله الهباهبة والذي استشهد في المعركة ، وقدم ابن الشوبك الشهيد ابراهيم حرب مقبل الرفايعة بطولة نادرة في حماية موكب الملك الحسين طيب الله ثراه في مثلث صويلح.
ربما الحديث يكون اكثر تشويقا ونحن نتحدث عن تاريخ الشوبك في الثورة العربية الكبرى وكم ورد عنها في رسائل الامير زيد بن الحسين .
اذا اردنا ان نبني مسارا سياحيا للشوبك فسيكون مسارا غنيا تفوح منه رائحة التفاح الزكية من مزارعها وخاصة من المزرعة النموذج في العصامية وفعل الخير من عند عيسى جراد الطراونة ، او من الانفتاح الجميل من عند رئيس بلديتها عادل الرفايعة الذي لديه امنيات طموحة لشوبك متطور ولكن ما بالإمكان أكثر مما هو الان يعطي صورة الشوبك النقية وقلبها النابض بالمحبة وعزة الانسان الأبية ، فليس هذا نأخذه من ماسورة المياه والرصيف ، فغنى النفس هي الاعظم وهي المصدر .
كتبوا عن الشوبك الكثير وأشار الصديق العزيز رمضان الرواشدة مضيفنا الكريم الى الشوبك في الوجدان والتاريخ ، ونحن أصبحنا نتمثل هذا الوجدان وكم منا تساءل اين نحن من الشوبك فقد تشابكنا اكثر ، ولكن صورة المكان وأشجاره وتاريخ سكة الحديد فيه وذكريات الرجال منها ترسم لنا لوحة من ذهب ، فيها التاريخ الاصيل والانسان العظيم ، وفيها العصامية وان لا نتردد أو لا نتوقف عند قصور ما ،بل نتطلع الى المستقبل بعين الرضا والتصميم على النجاح في بلد الخير والعزة .