الفشل تجربة يعيشها الأفراد والجماعات يوميا، ويجري التعامل معها ومع نتائجها بطرق وأساليب وآليات مختلفة، تبعا لعدة معطيات أهمها الثقافة والخبره والمخزون المعرفي لدى الأفراد.
بعض الأفراد يتقبلون الفشل ويدرسون نتائجه ويستفيدون من تجاربهم من خلال تطوير أساليب وحلول أفضل لأي مشكلة قد تواجههم في المستقبل وبالمقابل هناك آخرين يمارسون الفشل ولا تنعكس تجاربهم على تطوير أو تغيير في المنهج الذي يتبعونه لكي يتخطوا الإخفاق .
في بعض الثقافات ترى أن الفشل أمر مشين لا يمكن احتماله فيختبئ الفاشلين عن الأنظار أو العمل العام تاركين الساحة لغيرهم من أجل تغيير الأساليب والطرق والأدوات وتخليص الجماعة من كابوس التجربة المرعبة والمريرة في النتائج.
وفي بعض الثقافات أيضا يتنحى الزعماء الفاشلين في محاولة لتجديد الدماء وضخ روح جديدة، سواء كانت سياسية أم حزبية أم مواقع إدارية فهنا يغلب طابع الحس بالمسؤولية لدى هؤلاء ويعرفون ماهي قدراتهم ومهاراتهم ولا يقحمون أنفسهم والآخرين بالمزيد من الإخفاقات.
كما أن البعض يجد أن هناك طرق مختلفة في التعامل مع الفشل تتمثل في العمل الجاد والمحاولة المستمره خصوصا إذا كان الفشل محتملا والإنسحاب أو الإختفاء التام إذا كان الفشل ذريعا ولا يمكن السكوت عليه وهنا تتميز هذه الفئة بالمحاولة الجادة لإيجاد حل لتثبيط المشكلة وعدم تفاقمها.
في ثقافتنا العربية تحديدا، يكون التعامل مع الفشل بشكل مختلف حيث يتم تجاهله بشكل تام والتغاضي عنه بشكل غير مبرر وتعمل آليات الدفاع للأشخاص والجماعات على إعادة قراءة المشهد وتصنيفه على أنه نجاح وكل فرد فاشل يكرر مقولة الشجرة المثمرة ترمى بالحجارة ليس كل مثمر يرمى بالحجارة فهناك الكثير من الفاشلين نرميهم أيضا فمن قال ذلك ؟.
في بعض الحالات والمواقف، نتجنب الإعتراف بالفشل أو الحديث عنه، فغالبية القصص التي نتحدث بها سواء لأنفسنا أم للآخرين هي الأعمال المليئة بالنجاحات والإنجازات، فالآباء يتحدثون إلى أبناءهم عن نجاحاتهم والمدراء يتحدثون لموظفيهم ولمرؤسيهم حكايات عن قدراتهم الخارقة في تجاوز العقبات وحل المشكلات ويبنون السيرة الذاتية ويحشونها بالإنجازات والجوائز والقليل منهم يتحدث عن المواقف والتحديات الصعبة التي تعثر بها وسقط والقليل منهم أيضا يتحدث عن الاخفاقات والعثرات المتكررة التي عايشها في حياته، فنحن أفراد نمارس الانتقائية في بناء سيرتنا الذاتية التي نرغب بتقديمها للآخرين عن أنفسنا وتسهم بشكل مباشر في تغذية المفاهيم غير الواقعية وغير الحقيقية لذاتنا وتحرمنا من فرص الاستفادة من الأخطاء واستصلاح الواقع.
الموظفون العاملون والشخصيات العامة يسرفون في العادة بحديثهم عن الإنجازات والتطورات والقفزات النوعية التي تحققت منذ استلامهم للمواقع ويجعلونك تعرف أن كل هذا كان بفضل حكمتهم وإدارتهم الناجحة والغير مسبوقة.
في النهضة العلمية التي جعلت الدول الغربية تتفوق بكل المجالات، كان المنهج التجريبي ( التطبيقي) هو سيد الموقف، وكانت الإنجازات العلمية تسهم في اشتقاق القوانين الفيزيائية والرياضية وسائر العلوم.
وفي كل تجربة من التجارب، كان العلماء يدرسون ويحللون أسباب الفشل ويختبرون قوة وتأثير العوامل المختلفة على النتائج، بهذه الطريقة المنهجية والتحليلية التي تقيس قوة وتأثير العوامل المختلفة، استطاعت الدول الغربيه أن تبني حضارة عظيمة أصبح العقل فيها هو المشرع الأول والتجربة هي المختبر، حيث يجري إخضاع كل النتائج للتدقيق والتمحيص والمتابعة والتقييم بشكل مرحلي حتى تتمكن من تفادي الأخطاء حال حدوثها.
استمرار التجاهل وعدم الإعتراف بالفشل كأحد مخرجات محاولاتنا والإصرار على إظهار حياتنا على أنها سلسلة من النجاحات التي لا تتوقف، هذه من العقبات التي تحرمنا من الإفادة من تجربة هذه الأخطاء وبناء تجارب أكثر تماسكا وعقلانية.
المواقف الذي نتخذها من الفشل باعتباره أمرا مهينا، وتجنب الإعتراف به والتعامل معه كنتيجة محتملة لمحاولاتنا واستمرار إصرارنا على قلب الحقائق والموازين هي عوائق مهمة في وجه التغيير وبناء الوعي الحقيقي والتصدي لمشكلاتنا بواقعية وموضوعية .
وهناك بعض العلامات والمؤشرات التي تنتهجها الإدارة الضعيفة والفاشلة في بعض المؤسسات وتتضح ببعض الإجراءات التالية: