جبل النار يتنفس بركاناً وهجوم إسرائيلي على نابلس.. وسلطة أوسلو تشجب العدوان دون أن تحرك ساكناً في الميدان، والفضاء الرقمي يشتعل فاضحاً تفاصيل العدوان في ملحمة فلسطينية أثبتت بأن الذاكرة الفلسطينية حية لا تبور والحق الفلسطيني أكبر من الاحتلال المتجبر الزائل وفق رؤية الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، وفي حرب الإرادات تنتصر الضحية رغم امتلاك جيش الاحتلال أكبر ترسانة سلاح في الشرق الأوسط؛ لكنه مصاب برهاب المقاومة.
فجر اليوم الخميس ارتقى لاعب كرة قدم فلسطيني شهيداً وأصيب خمسة بجروح متفاوتة من الفلسطينيين عقب اقتحام قوات عسكرية إسرائيلية كبيرة مدججة بالسلاح، منطقة قبر يوسف شرقي نابلس بالضفة الغربية المحتلة لتأمين وصول مستوطنين للقبر لأداء صلوات تلمودية.
حدث ذلك العدوان دون أن تتدخل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لدحرها تاركة الشعب الفلسطيني الأعزل في واجهة الحدث دون غطاء.. سوى ما طالب به اشتية من الفيفا بإدانة قتل قوات الاحتلال للاعب كرة القدم أحمد دراغمة 23 عاما الذي يلعب ضمن فريق "ثقافي طولكرم".. أيضاً طلبه من المؤسسات الحقوقية الدولية بـ "الوقوف عند مسؤولياتها، لوقف الإعدامات الميدانية بحق أبناء الشعب الفلسطيني ومعاقبة الجناة وتقديمهم للعدالة”.
فقد اندلعت مواجهات بين عشرات الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، فيما وقع اشتباك مسلح بين مسلحين فلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي في الموقع وفي ساعة مبكرة من فجر اليوم الخميس 22 سبتمبر 2022،
واستخدم الجيشُ الإسرائيليُّ الذي استفرد بالفلسطينيين الرصاصَ الحيَّ والمعدنيَّ وقنابلَ الغاز المسيِّل للدموع ما أدّى إلى استشهاد فلسطيني وإصابة خمسة آخرين، حدث ذلك شمالي الضفة الغربية المحتلة الواقعة ضمن سلطة أوسلو التي تنسق أمنياً مع الاحتلال.
وشيّع آلاف الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية، الخميس، جثمان الشهيد أحمد دراغمة (23عامًا) من أمام مستشفى طوباس التركي في مدينة طوباس وصولاً إلى منزل عائلته الذي قد يتعرض للهدم كما هو ديدن الاحتلال الغاصب.
ورفع المشيّعون الأعلام الفلسطينية وأطلقوا هتافات منددة بـ”الانتهاكات” الإسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن ما حدث في نابلس فجر اليوم ربما يكون اختباراً لهذا النوع من الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون بحماية جيش الاحتلال كمرحلة تمهيدية لتكرارها في القدس قريباً..
وهذا بدوره مرتبط بتشكيلة حكومة نتنياهو اليمينية الجديدة التي تضم اثنين من القوميين المتطرفين، لهما تاريخ من الخطاب الاستفزازي المناهض للعرب، وهما إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش".
وللتذكر، فإن سجل بن غفير يشمل إدانة في 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب ودعم جماعة تعتبرها "إسرائيل" والولايات المتحدة منظمة إرهابية، وسيكون مكلفاً بحقيبة أمنية موسعة ستشمل المسؤولية عن شرطة الحدود في الضفة الغربية المحتلة.
أما سموتريش، فهو زعيم استيطاني حيث قال العام الماضي إن زعيم "إسرائيل" الأول، ديفيد بن غوريون، ارتكب أكبر خطأ بعدم طرد جميع العرب في عام 1948.. وكان يسعى للحصول على حقيبة الدفاع وبدلاً من ذلك تم تعيينه وزيراً للمالية.
وتوحي هذه التشكيلة الحكومية بتشجيع العدوان المتكرر على الضفة الغربية بغية احتلالها وتطهيرها عرقياً على المدى البعيد ترجمةً لشعارات اليمين الإسرائيلي الذي بات يمتلك قرارات الحكومة المصيرية.. ناهيك عن تهويد الأقصى بحيث أن الهجوم على نابلس اليوم يعتبر من مؤشراتها.
من جهتهم، وعقب الحديث عن تشكيلة حكومة نتنياهو، أبدى المسؤولون الفلسطينيون في سلطة أوسلو التي وقع الهجوم الإسرائيلي فجر اليوم الخميس في منطقتها الأمنية، من أن يؤدي تعيين الرجلين، اللذين يعارضان إقامة دولة فلسطينية ويدعمان الإستيلاء على الأقصى وتهويده، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية - التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير شرعي - إلى تلاشي أي احتمالية باقية لحل الدولتين!! دون أن يدركوا بأن سلطة أوسلوا تمثل كياناً وظيفياً أقل من حكم ذاتي ما يستلزم منها الوقوف إلى جانب المقاومة المتنامية في الضفة الغربية على الأقل حتى تكسب تأييد واحترام الشعب الفلسطيني المناضل.
هذا العدوان يمثل استفراداً بالشعب الفلسطيني الذي لن ينثني عن مقاومة الاحتلال في حرب الإرادات التي تميل كفتها إلى جانب صاحب الحق المغبون.. الفلسطيني المقاوم الذي لا يهاب المنية في سبيل فلسطين وحقوقه المهدورة.