تشهد منطقة الشرق الأوسط صراعا دينيا مريرا: (سني-شيعي، سني- سني، شيعي-شيعي)، قد يستغرب البعض من هذا القول، أو يقلل منه، إذ إن هناك خلطا لدى البعض بين الصراع الديني والسياسي، فأقول لا يغيب البعد السياسي دائما من مختلف الصراعات الدينية، فالهدف سياسي بصبغة دينية، وهكذا في كل النزاعات الدينية التي حدثت في الماضي، ومن ذلك ما شهدته أوروبا في القرون الوسطى من صراعات دينية مرهقة إبان محاكم التفتيش سيئة الذكر، كان الدين هو العنوان الرئيس لهذا الصراع، رغم إن هناك قوى عميقة تغذي الصراع وتقف خلفه، وتوجهه لخدمة مصالحها الضيقة.
تمثل الحروب الدينية أسوأ أنواع الحرب، وأعقدها وأبعدها عن الحلول، إذ يصعب احتواء هذه النزاعات، وتكون غالبا طويلة الأمد، محرقة للأخضر واليابس، تحشر معظم البشر في أتوانها.
كيف أُُغرقت بلداننا في قذارة هذا المستنقع؟..
بالطبع الاستعمار الغربي الذي رحل عن أرضنا مغصوبا بقوة السلاح، لم تنم عيناه قط عن خيرات هذه المنطقة، بل ظل يعمل ويخطط لكيفية العودة للمنطقة من جديد، بإسقاط الكيانات والدول ونشر الفوضى والاختلافات، وتحقق مسعاه من خلال أدوات قديمة حديثة: (النظامان السعودي والإيراني والتنظيم الدولي)، وكلها أدوات رخيصة ساهم الاستعمار الغربي بفاعلية في صناعتها وتسويقها وتمكينها.
الحل الناجع لإفشال المخطط الغربي العفن، يتلخص بالعمل على بناء الدولة المدنية العادلة التي يحكمها القانون، وتذوب في ظلالها الفوارق المصطنعة بين البشر، وتصان فيها الحقوق والحريات.