كل كارثة لدى الصهاينة تعتبر فرصة سانحة لتحقيق مآربهم التي تقوم على استغلال مآسي الغير واللصوصية بمفهومها المجرد.
هذا ما حدث مع فريق الإنقاذ الإسرائيلي الذي استجاب للنداء التركي من أجل المساهمة في عمليات الإنقاذ في كهرمان بتركيا..
وهذا محمود على صعيد إنساني رغم أن القرصان وإن أبدى محاسنة فلن تنظفَ سيرَته المواقفُ الإنسانيةُ الصغيرة.. وهذا ينطبق على أي بعثة إنسانية تنطلق باسم الاحتلال الإسرائيلي لتمارس نشاطها الإنساني في مناطق الكوارث على هذه الأرض.. لأن الاحتلال بحد ذاته يمثل كارثة ألمَّتْ بالشعب الفلسطيني إلاّ إذا كانت دماء الفلسطينيين من ماء!
ورغم ذلك فمن يسرق الأوطان يسهل عليه حتى تجريد الطفل الغرير من رضاعة الحليب ما دام يستنفع منها.
وهذا ما حدث مع فريق الإنقاذ الإسرائيلي الذي كان من المفروض أن يبذل كل الجهد للتنقيب تحت الأنقاض عن ضحايا الزلزال الذي ضرب مؤخراً تركيا وتحديداً منطقة كهرمان وهم في نظرهم "جويم" ليستغل هذا الفريق إنشغال السلطات التركية بتداعيات الكارثة وتفاصيلها على كافة الصعد، فتأخذهم أطماعهم نحو الكنيس اليهودي في انطاكيا والتصرف كعصابة؛ لسرقة مخطوطات تاريخية إسرائيلية وتهريبها إلى "إسرائيل" وكأن لدى الإسرائيليين كل الحق في اقتراف الأخطاء على صعيد عالمي ما دامت الضحية من "الجويم" ومنهم الأتراك.
وبحسب ما نقل موقع "خبرلار” التركي ، بأنه بعد الزلازل في كهرمان مرعش ، أرسلت "إسرائيل"، مثل العديد من البلدان ، فريقًا إلى تركيا لدعم جهود البحث والإنقاذ في مناطق الزلزال.
وكان أحد أعضاء الفريق الإسرائيلي المدعو زاكا يضمر أثناء المهمة المنوطة بهم غاية أخرى وذلك بسرقة لفائف كتاب أستير التي يعود تاريخها إلى قرنين من الزمان، والتي تم تخزينها في كنيس أنطاكيا ومن ثم نقلها إلى "إسرائيل".
وثارت ضجة في تركيا على كافة المستويات إزاء هذا الموقف المشين، وتناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية صور القطع الأثرية التاريخية التي تم تهريبها من تركيا نقلاً عن موقع "خبرلار” التركي الشهير.
وتكمن أهمية سفر أستير التاريخية في أنه بحلول القرن الرابع الميلادي، قبلت معظم الكنائس الغربية استير كجزء من الكتب المسيحية الدينية.
كما تم إحياء ذكرى أستير -وهي يهودية فارسية- كأم حاكمة في التقويم القديسي للكنيسة اللوثرية ميسوري في الرابعة والعشرين من شهر مايو. وهي أيضاً معترف بها كقديسة في الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية وكنيسة الأقباط الأرثوذكس.
والجدير بالذكر أن الترجمة السبعينية للعهد القديم من سفر إستير تحتوي على ستة أجزاء (مجموعها 107 آية) وهي غير موجودة في الكتاب المقدس العبري ولم يجد المنقبون مثل هذه اللفائف ضمن مخطوطات البحر الميت في قمران. إن نسخة الكتاب المقدس العبرية من قصة إستير لا تحتوي على صلاة ولا حتى إشارة واحدة إلى "الرب"، إلا ما جاء في النسخة اليونانية من سفر إستير حيث اعطى اليونانيون هذه الحكاية العلمانية توجهًا دينيًا أكثر وضوحًا، فتمت الإشارة إلى "الرب" خمسين مرة»
وبعد هذه العملية الرخيصة التي من شانها ان تحرج اليهود الأتراك في انطاكيا، فقد أعلنت الجالية اليهودية التركية (مؤسسة الحاخامية الرئيسية التركية) أنها استرجعت اللفائف من "إسرائيل" وأنها ستستبدلها بعد تجديد كنيس أنطاكيا الذي تعرض لتشققات خطيرة كدأب ما جرى في المنطقة القديمة في إنطاكيا من تدمير بفعل الزلزال ولو بأقل فداحة من إنطاكيا الجديدة حيث تحولت إلى ركام.
ووفق بيان الحاخامية فقد تم استلام لفيفة إستير ذات الصلة من "إسرائيل" وهي قيد الحفظ في الحاخامية التركية الرئيسية. ومن ثم ستنقل إلى كنيس أنطاكيا بعد ترميمه.
صحيح أن يحيى كوشكون ، نائب المدير العام للتراث الثقافي والمتاحف في تركيا ، صرح على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً بأن الأصول الثقافية في تركيا ، بغض النظر عن طبيعتها الدينية ، ملك للدولة التركية.
فيما يحظر إزالة الأشياء التي لها جودة الممتلكات الثقافية من البلاد مثل لفائف إستير. منوهاً إلى أنه "من يأخذ أصولنا الثقافية إلى الخارج ، سيتم القيام بكل ما هو ضروري ".
وسنتوقف عند "ما هو ضروري" فهل يشمل هذا التنويه "إسرائيل" التي تعربد دون رادع ويبقى ذنبها دائماً مغفورا! كيف ستتعامل الحكومة التركية مع الموقف الإسرائيلي اللا أخلاقي!
فهل ستوجه النقد للحكومة الإسرائيلية بعد أن تذهب السكرة وتأتي الفكرة وفق المثل الشعبي الدارج!