كَثُر الحديث عن القطايف و أصلها و نشأتها و أسمائها و حشوتها ، كم تمنيت ألا ينحصر وجودها بشهر رمضان فقط ، حتى تحقق حلمي فصرت أشاهدها في بعض محلات إربد خارج أوقات دوامها الرسمي .. مهما كبر حجمها أو صغر ، مهما تنوعت أشكالها أو طرق إعدادها ، مهما تنوعت محتوياتها ، تبقى العجينة هي المادة الأساس و الرئيس فيها ، لكن للقطايف معي سوالف و مواقف: أول عمل تحصلت عليه في أمريكا و قد كنت حديث العهد بتلك البلاد ، وظيفة بمطعم شهير اسمه (IHOP ) و الاسم هذا اختصار لجملة انترناشيونال هاوس أُف بانككس ، قال لي مديري الفلسطيني ، هذا مطعم كطايف . فاستبشرتُ خيرا و قلت : أيام الغربة مرّة و لا بدّ من تحليتها حتى أتمكن من بلعها ، ضحكتُ بعبي و قلت لنفسي : الحوراني سيصبح اليوم حلواني. قبل خمسة رمضانات كدت أفقد حياتي في مخبز نبيل ، على يد الجدع المصري عوضين صانع القطايف الذي كان يواجه طابورا طويلا من المشترين و كان الازدحام شديدا و الطلب كبيرا , و لولا وجود صديق معي لكنت : إما قاتل أو مقتول , و هما أمران أحلا من العودة بدون قطايف .بقيت أتردد على مخبز نبيل أيام الصيام كلها ، لا لشراء القطايف و إنّما لمراقبة جمهور الناس المولع شغفا بحب هذه العجينة العجيبة ، و الاستمتاع بمنظر الماكينة الأتوماتيكية التي تصنّع القطايف و أراقب عملها الآلي الساحر العجيب ، متفكّرا و متدبّرا بقدرة خالقها و عبقرية صانعها التي فاقت عبقرية صانع ماكينة الفلافل الآلية والمركبة الفضائية ، و ذلك لأنه عرف مدى نَهَمِنا و كِبَر بطوننا و شلفحتنا على تلك الحلوى .