بداية لقد اقر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 31 من آذار/2021 تزامنا مع الاحتفالات بمئوية الدولة الاردنية، باعتماد يوم 16 نيسان من كل عام ليكون يوم العلم .
وبوسط احتفالات الوطن بيوم العلم ، فإنه من المعلوم بأنه قبل أكثر من مئة عام تزينت مدن الوطن بالراية التي اختزلت حضارات وأمجاد العرب خلال مئات السنين، ويعتز الاردنيون بهذا اللواء الأردنيون الذي يشير إلى هوية وطنية ضاربة في الأعماق أساسها يعود إلى الحضارة الإسلامية
والمتتبع لاصول العلم الأردني يجد بأنها تعود إلى إعلان مملكة الحجاز الهاشمية (1916 – 1925) التي اتخذت عند استقلالها علمًا رسميًا للدلالة على طموحاتها، وقد مر العلم الأردني بعدد من المراحل .
ففي المرحلة الأولى ، خلال الفترة (1916 - 1921) اتخذ الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه ، شريف مكة وملك العرب وقائد الثورة العربية الكبرى الراية الحمراء الداكنة (العنابي) لون راية أمراء الحجاز وأشرافه، ثم اتخذ الشريف الحسين بن علي ، علما ذا ألوان ثلاثة، الأبيض والأخضر والأسود، مع مثلث أحمر يتصل بأطراف الألوان الثلاثة، وكان لهذه الألوان دلالات تاريخية؛ فاللون الأبيض هو شعار الأمويين، والأسود يرمز إلى راية العقاب الخاصة بالنبي محمد ﷺ، والتي كانت تتصدر حملاته العسكرية، كما يرمز إلى الدولة العباسية التي اتخذت منه راية لها ، وأمّا الأخضر فهو شعار الفاطميين وآل البيت عموما، بينما يرمز اللون الأحمر إلى راية الأشراف التي اتخذوها منذ عهد الشريف أبو نمي بركات (1512 - 1566)
في حين كانت الراية الثانية( راية المملكة الفيصلية ) والتي جاءت
بعد دخول الأمير فيصل دمشق حيث تم اعتماد علم الثورة العربية خلال الفترة (30 أيلول 1918 – 8 آذار 1920) وعندما أعلن المؤتمر السوري استقلال سوريا بحدوها الطبيعية بتاريخ 8 آذار 1920، بايع رجالات الأردن وبلاد الشام المغفور له الملك فيصل الأول ابن الحسين بن علي ، لتتأسس المملكة العربية السورية عام فتم رفع علم الدولة الفيصلية في أنحاء سورية ولبنان وفلسطين والأردن وأجزاء من العراق وتقرر أن يكون علم الدولة العربية الجديدة هو علم الثورة العربية، مضافا إليه نجمة واحدة بيضاء في المثلث الأحمر، باعتبار أنّ الدولة السورية هي أول دولة من دول الوحدة العربية المنشودة ، وبقي هذا العلم حتى خروج فيصل من دمشق بعد معركة ميسلون (24 تموز1920)
في حين جاءت الراية الثالثة(راية نائب ملك سوريا ) عندما تحرك الأمير عبد الله إلى شرقي الأردن 1920-1921 بناء على طلب اهالي بلاد الشام ، واعتبر نفسه نائبا عن أخيه فيصل ملك سوريا، فقام برفع العلم السوري باعتبار أنّ شرقي الأردن جزء من سوريا الطبيعية ، علما بأنه في مؤتمر أم قيس (2 أيلول 1920) والذي عقد بين زعماء عجلون وحوران والضابط السياسي البريطاني سمرست، كان من ضمن مطالب الأهالي ، أن يكون شعار الحكومة التي يطالبون بها( العلم السوري ) .
وفي الفترة ( ١٩٢١-١٩٢٨ ) جاءت الراية الرابعة ، حيث استمر العلم على هيئته مع تغيير ترتيب الالوان ليكون اللون الأبيض في الوسط بعد أن كان في الأسفل لتسهل رؤيته من بعيد .
أما ( العلم الحالي ) والذي بعد تاربخيا الراية الخامسة ، في 16 نيسان 1928 أضيفت النجمة إلى العلم الأردني الحالي. وقد تضمن القانون الأساسي لسنة 1928 وصفا للراية الأردنية من حيث الألوان والمقاسات والأقسام، فقد جاء في المادة الثالثة منه ما يلي :" تكون راية شرقي الأردن على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها، وتقسم أفقيا إلى ثلاث قطع متساوية متوازية، العليا منها سوداء والوسطى بيضاء والسفلى خضراء، يوضع عليها مثلث أحمر قائم من ناحية السارية، قاعدته مساوية لعرض الراية، والارتفاع مساو لنصف طولها. وفي هذا المثلث كوكب أبيض مسبع حجمه مما يمكن أن تستوعبه دائرة قطرها واحد من أربعة عشر من طول الراية، وهو موضوع بحيث يكون وسطه نقطة تقاطع الخطوط بين زوايا المثلث، وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازيا لقاعدة المثلث. أما الرؤوس السبعة للكواكب فترمز إلى الآيات السبع التي تتألف منها سورة الفاتحة". وتكرر ذات الوصف في المادة الرابعة من دستور سنة 1947 ودستور 1952.
وهنا وفي خضم الاحتفالات لا بد من معرفة أهمية التعامل مع الرموز الوطنية ( العلم و النشيد الوطني وشعار الدولة )
فهذه الرموز الوطنية تعد العناوين الرئيسية التي تختزل المثل العليا المشتركة للوطن و الدولة و قيمه التي يعتز بها و يفتخر، ففي العلاقات الدولية وصل المفهوم إلى مرحلة أضحت فيه كل دولة تضع لنفسها رموزا وطنية سيادية ، تميز بها نفسها على صعيد الأمم و على أغلفة و أوراق جوازات سفر مواطنيها و بطائق هوياتهم، كما على إصداراتها النقدية، المعدنية و الورقية، و غيرها من وثائقها الرسمية ، وهي باختصار ما يطلق عليه ثلاثي: العلم الوطني، النشيد الوطني، و الشعار الرسمي.
و هكذا، فعلى صعيد وطننا الشامخ فان العلم الوطني الحالي، يعود إلى أكثر من مائة عام ، أما بالنسبة للنشيد الوطني، فهو نشيد يتكون من معزوفة موسيقية كتحية للملك، انطلاقا من دور الأسرة الهاشمية في بناء هذا الحمى العربي الهاشمي من عهد الملك المؤسس مرورا بطلال واضع الدستور والحسين الباني إلى عهد عبدالله الثاني المعزز
ومما لا شك فيه فإن احترام الرموز الوطنية ( سيما العلم و النشيد الوطني ،وشعار الدولة ) يعد واجبا وطنيا والأردنيون كما هو حال مواطني جميع بلاد المعمورة، ملتزمون و باصرار ،لاحترام هذه الرموز الوطنية و قد دأبوا دائما على حب وطنهم وهم يواصلون عشقهم لهذا البلد وقيادته الهاشمية الرائدة وهذه الاحتفالات تعكس تقاليد هذه الدولة ونضالاتها وتقاليد أمتها وشعبها ، وتمثل تعبيرًا ساميا عن الهوية الوطنية.