قد يكون أشهر ماقيل في تراثنا عن سلفنا الصالح في مايعرف بإدبار النفس وإقبالها ما ذُكر عن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، حيث قال: "إن للقلوب إقبالاً َإدباراً، فإذا أقبلت فاحملوها عن النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض".
هذا يعني أن الأنسان يكون متحمساً في حالة الإقبال فتعلو همته ويزداد نشاطه ورغبته وإيجابيته بحيث يعطي الكثير بعيدا عن القنوط والكسل بعكس حالة الإدبار التي يشعر معها بهبوط العزيمة والتراجع الدي قد يصل لمرحلة الإهمال عن العناية ببعض الأشياء حتى مظهره الخارجي.
في تراثنا الشعبي سمعت من جداتنا تعبيرات توصف حالة الإدبار هذه وهي جمل دالة ذات علاقة أيضا بالبيئة ونمط المعيشة آنذاك.... الجملة الأولي كأن ترد المرأة على أحدهم في حال طلب منها المشاركة في شيء فرح.. فتقول"يابنت حل عني، والله عايفه الغدير ومية البير" وهذه متعلقة بأسلوب حياتهم حين كن يذهبن لجلب الماء قديما من أماكن شتى وتفضيل بعضها عن بعض.
الجملة الثانية تقال في نفس السياق ولكن يتضح أن هناك تطورات حياتية جديدة ومنها دخول سكة الحديد وأعتقدها سكة حديد الحجاز حيث ظهر السفر بواسطة القطار وخاصة لأهلنا الذين يتبضعون كل احتياجاتهم من دمشق ثم يعودون إلى المفرق، تقول الجملة "حلّوا عني تراني عايفة الترين".... وغيرها الإجابة على استفسار عدم القدرة على التفاعل، علامك ؟! مريض؟!.. "لا مابي بلا، بس أنقل حالي نقل" لابد أن معظمنا يحتفظ في قاموس الشعبي ببعض الجمل والمفرادت التي توصف هذه الحالات المتعلقة بهبوط النفس والتحديق في الفراغ... ومنكم نستفيد...