قال البنك الدولي إن النمو الاقتصادي للأردن البالغ 2.7% للنصف الأول من العام الحالي "لم يكن كافيا لخلق ما يكفي من فرص العمل"، وخاصة للأعداد المتزايدة من الشباب العاطلين عن العمل، مشيرا إلى أن العديد من التطورات الاجتماعية والاقتصادية "لا تزال" تحد من نمو الدخل الحقيقي للأسر.
وأضاف في تقرير المرصد الاقتصادي، الذي رصدته "المملكة"، أن ارتفاع تكاليف المعيشة "أثر سلبا" على الأسر الأكثر فقرا وضعفا في الأردن، موضحا أن نقص الموارد النقدية وانخفاض القدرة على الاقتراض "قد يعيق" قدرة هذه الأسر على توفير الخدمات الصحية والتعليمية الكافية لأطفالها.
وبين البنك أن تعافي قطاعي السياحة والخدمات الأخرى قد يدعم الأجور، إلا أن تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة تنبع من ضعف قدرة القطاع الخاص على خلق فرص العمل، وتجزؤ أسواق العمل وسيطرة الاقتصاد غير الرسمي وانخفاض الإنتاجية مما يحد من نمو الدخل الحقيقي للأسر.
وبلغ معدل البطالة في الأردن خلال الربع الثالث من العام الحالي 22.3%، بانخفاض مقداره 0.8 نقطة مئوية عن الربع الثالث من عام 2022، حيث بلغ آنذاك 23.1%، وبثبات المعدل مقارنة مع الربع الثاني من هذا العام، وفق التقرير الربعي الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.
وبلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح (قوة العمل منسوبة إلى السكان 15 سنة فأكثر) 32.6% للمجموع (52.7% للذكور مقابل 13.5% للإناث) وذلك للربع الثالث من عام 2023، مقارنة مع 33.0% للمجموع (52.5% للذكور و13.7% للإناث)، للربع الثالث من عام 2022، علماً بأن معدل المشاركة الاقتصادية للإناث في الدول العربية حوالي 19%.
وأشار تقرير البنك الدولي أن شبكات الأمان الاجتماعي تلعب دورا رئيسيا في حماية الأسر من صدمات يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على نمو الأطفال، وقد تدفعهم إلى ترك المدرسة، مشيرا إلى أن الأسر الأكثر فقرا وضعفا في الأردن تنفق حصة أكبر من دخلها على الاحتياجات اليومية، وقد تضطر إلى الاقتراض أو تقليص النفقات.
ويبلغ معدل الفقر في الأردن وفق آخر إحصائية رسمية صدرت في عام 2019، عن الفترة 2017-2018 ما نسبته 15.7%، وفق دائرة الإحصاءات العامة.
وخفض البنك الدولي تصنيف الأردن إلى الشريحة الأدنى من فئة الدخل المتوسط في تموز 2023، استنادا إلى تقديرات نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي للعام السابق، حيث يرجح هذا الانخفاض إلى تغير عدد سكان الأردن المنشور في التوقعات السكانية العالمية 2022 (بزيادة تقدر بـ 9.6% في العام 2022).
وبين أن التحويلات النقدية الموجهة للأردنيين تستمر في توفير سبل مهمة للحماية، مع ارتفاع تغطية الدعم الشهري لصندوق المعونة الوطنية من 97 ألف أسرة إلى 220 ألف بين عامي 2018-2022، فيما رجح أن يكون للانخفاضات الأخيرة في المساعدات الإنسانية (بما في ذلك المساعدات للاجئين السوريين) عواقب سلبية على الأوضاع المعيشية.
وفي تموز 2023، اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض التحويلات النقدية بمقدار الثلث بسبب نقص التمويل، كما أعلنت يونيسيف الأردن في تشرين الأول الماضي أنها تواجه فجوة تمويلية بنسبة تقديرية 57% أو ما قيمته 92.5 مليون دولار من أصل 161.35 مليون دولار اللازمة لمواصلة تقديم الخدمات للأطفال الضعفاء وأسرهم في الأردن في عام 2023.
ومن المرجح أن يؤثر خفض التحويلات النقدية للاجئين بسبب انخفاض المساعدات الأجنبية سلبا على معدلات الفقر والأمن الغذائي ومستويات المديونية للأسر، حيث تسلط العلاقة السببية المتبادلة بين الوضع الاجتماعي والاقتصادي وحالة رأس المال البشري الضوء على أهمية شبكات الأمان الاجتماعي ودورها في بناء وحماية رأس المال البشري للفتيات والشابات.
وأشار البنك إلى أن الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 7 و14 سنة في الأردن تقضين قرابة عشر ساعات في الأسبوع (أو ما يعادل أكثر من يوم دراسي كامل) في المتوسط في النشاط الاقتصادي ولا يذهبن إلى المدرسة، وفي حين أن 2% فقط من الفتيات في هذه الفئة العمرية يعملن، فإن أكثر من 97% منهن يعملن في الأسرة بدون أجر.
وأضاف البنك "تمتد هذه التحديات أيضا إلى المراحل العمرية التالية مع تفاوت الوصول إلى قرص سوق العمل، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تزايد الفقر"، مشيرا إلى أنه "من أجل دعم وتسريع تراكم رأس المال البشري للفتيات، ينبغي أن تكون استثمارات رأس المال البشري مصحوبة ببرامج واستراتيجيات الحد من الفقر".
وأكد البنك أن من شأن التدخلات المستهدفة للحد من الفقر أن تساعد الأسر الفقيرة على إعطاء الأولوية للتعليم والصحة، بما في ذلك للفتيات، وجعلها أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المحتملة، كما أن مشاركة المرأة في سوق العمل هي الحماية الأكثر استدامة ضد الفقر والضعف.
تقرير البنك الدولي، أشار إلى أن المسار الاقتصادي للأردن لا يزال يظهر قدرة على الصمود في وجه التحديات العالمية والمحلية، حيث بلغ النمو الاقتصادي 2.7% في النصف الأول من عام 2023، مدفوعا بالنمو القوي في قطاع الخدمات وتعافي قطاع الزراعة.
وأضاف القيود الهيكلية لا تزال تشكل عبئا على سوق العمل، حيث تواصل معدلات المشاركة في قوة العمل تراجعها، سواء بالنسبة للرجال أو النساء. وعلى وجه الخصوص، لم يتجاوز معدل مشاركة النساء في قوة العمل في الأردن نسبة الـ 14%، وهو من أدنى المعدلات في العالم.
ويعمل الأردن في إطار استراتيجية تمكين المرأة في رؤية التحديث الاقتصادي 2033 والاستراتيجية الوطنية للمرأة 2020-2025، على النهوض بإصلاحات مهمة تهدف إلى مضاعفة مشاركة المرأة في قوة العمل على مدى السنوات العشر المقبلة.
وأضاف أنه "ومع مواصلة الأردن اجتياز أوضاع اقتصادية صعبة وصدمات مستمرة، يعتبر التركيز المستمر على إطلاق الإمكانات الاقتصادية للمرأة عاملاً في غاية الأهمية في دعم مسار النمو والتنمية في الأردن على المدى الطويل".
ومن المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 2.6% في عام 2023. كما كذلك، من المتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري والمالية العامة إلى 6.6% و5.2% على التوالي، وتشير التقديرات إلى أن معدل التضخم سيتباطأ إلى حوالي 2.4%، وفق البنك الدولي.