من أين نبدأ؟ماذا نُصلح؟ أسئلة تدور في الأبنية المعرفية ، ويذهب ويبعد البعض عن الهدف ، ويكرر محاولات عبثية لا تخدم أي من قضايانا، ولا نتعلم من محاولات وأخطاء سابقة . يعتقد البعض أن التغيير يبدأ بتغيير أشخاص أو سياسات ، متناسين النقطة المركزية ونواة الإصلاح . لذلك ولهذا كتبت أن الحاجة أصبحت ملحّة وضرورية وأمانة في أعناق الجميع . إنطلاقًا من الدور الإرشادي والتربوي والضمير الحيّ والغيور على آمن وإنجازات وطنية كان ثمنها تضحيات كبيرة يكون صمتي خيانة كبرى.
ومن وجهة نظري أن هذه النواة هي إصلاح الأبنية المعرفية والتي يرى علماء النفس أن البنية المعرفية هي خلاصة خبرات الفرد الناتجة عن تفاعله مع العوامل البيئية والوراثية والبيولوجية من خلال نموه وفق مراحل العمر المختلفة.
وهذا لأن سلوكياتنا تنبع من معتقداتنا ولو تخيلنا كما أسميتها نواة ويدور في فلكها مدارات عديدة: أولها الأسرة وثانيها المدرسة وثالثها المجتمع ومؤسساته المدنية والحكومية والتشريعات التي تعتبر غلاف يحيط بهذه المدارات، يحتم ذلك علينا أننا بحاجة أولية لإصلاح أسري وإعادة النظر بما تقدمه الأسرة لأفرادها بقصد وبدون قصد إذ يعتبر هو ما يشكل قاعدة الهرم لهذه الأبنية ثم المدرسة وما تقدمه من برامج متنوعة تكفل صقل شخصية الطلبة، والخروج من قوقعة تقديم المعرفة فقط . ثم المجتمع بعاداته وتقاليده ونظم العلاقات فيه . والمؤسسات المدنية والحكومية ومساهمتها الفاعلة في ترسيخ المفاهيم والقيم الوطنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بحيث تقدم أنشطة هادفة مخطط لها.
العملية تكاملية تحتاج إلى فهم عميق من الجميع وعطاء حقيقي وانتماء حقيقي حتى نجني الثمار .
مثال ذلك كيف نريد من طالب جامعي إحترام الاختلاف والأسرة التي خرج منها تغذي مفاهيم تعصبية ضيقة، وكيف نريد من مواطن أن ينتخب بناءًا على البرامج الحزبية والمفاضلة بينها وثقافته المجتمعية تنمي عنده الإقليمية الضيقة . كيف نريد من مسؤول أن يكون نزيه والمجتمع يصفق لإنجازاته وتدخلاته وخرقه العدالة والمساواة .
كيف وكيف وكيف ؟؟؟
هذا لا يعني سوداوية رؤيتي ، لكن من هنا نبدأ وننطلق