تداولت تقارير إعلامية، معلومات حول إرسال الجيش الفرنسي نحو مئة جندي من "الفيلق الأجنبي" إلى أوكرانيا لمحاربة روسيا، وهو ما أثار حالة من الجدل حول دلالات هذه الأخبار ومدى صحته.
ويوصف الفيلق الأجنبي في الجيش الفرنسي، الذي تأسس عام 1831، بأنه مخصص للجنود الأجانب، بينما يضم جنودًا فرنسيين.
من جهتها، نفت هيئة الأركان العامة الفرنسية هذه المعلومات جملة وتفصيلا، وسط جدل حول مصدر هذه الأنباء المتداولة ومدى مصداقيتها.
الخبير الأمريكي في مجال الأمن والتكنولوجيا، ستيفن براين، قال في مقاله لصحيفة "آسيا تايمز"، إن الجيش الفرنسي أرسل نحو مئة جندي لمحاربة روسيا، دون أن يحدد مصدرا واضحا لهذه المعلومات.
وأكدت حسابات على منصة "إكس" لشخصيات مختلفة، بينها الناشط اليميني المتطرف ديفيد فان هيملريك، أن فرنسا قامت "بنشر الفيلق الأجنبي" على الجبهة الأوكرانية.
في 4 مايو، أكد موقع "آسيا تايمز" أن باريس نشرت رجالًا "لدعم اللواء الأوكراني المستقل رقم 54 في سلافيانسك الأوكرانية"، قادمين من "لواء المشاة الثالث" التابع للفيلق الأجنبي.
في المقابل، نددت فرنسا بهذه الأنباء، معتبرة أنها "حملة تضليل" جديدة تستهدفها.
ووفقاً للمعلومات التي نشرها موقع "آسيا تايمز"، عبر مقال موقع من ستيفن براين، فإن هذا الانتشار يشمل حوالي 100 جندي ومتخصص في المدفعية، ولكن من المتوقع أن يصل إلى 1500 جندي في نهاية المطاف إلى أوكرانيا.
ويعد ستيفن براين خبيرا في مجال الأمن والتكنولوجيا، وقد عمل نائبا مساعدا لوزير الدفاع الأمريكي في عهد إدارة ريغان أواخر الثمانينيات، ويعمل لدى العديد من مؤسسات الفكر والرأي الأمريكية، وجميعها محافظة للغاية.
وبعد تلك "التسريبات"، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإجراء مناورات نووية قريبا ردا على تعليقات الزعماء الغربيين، بمن في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفقا للكرملين.
بدوره، أشار مسؤول فرنسي كبير مطلع على الأمر، إلى أن فرضية وجود جنود فرنسيين بالفعل على الجبهة الأوكرانية "تم وضعها منذ عدة أسابيع ويتم استخدامها بانتظام، إما بشكل مباشر من خلال الحسابات الروسية أو من خلال الوكلاء".
ومن جهته، قال أستاذ العلوم السياسية الفرنسي من جامعة "إيكس" مارسيليا المتخصص في الشأن الروسي، رولاند لومباردي، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إن "مثل هذه العملية الحربية في أوكرانيا، دون موافقة البرلمان، تشكل خرقا تاما للدستور، موضحاً أنه في رأيه الشخصي لا يعتقد أن تقوم فرنسا بذلك "الفعل المتهور".
وأضاف لومباردي، مؤلف كتاب "بوتين والعرب"، أن ستيفن براين، الذي يشير في مقالاته إلى التقديرات التقريبية للفيلق الأجنبي، يبدو غير مدرك أن فوج المشاة الثالث من الفيلق منخرط في الواقع "بشكل دائم" في جيانا الفرنسية، وهي على بعد عدة آلاف من الكيلومترات من شرق أوكرانيا، كما أنه لا علاقة لها بالمدفعية؛ إذ إن نقاط قوتها هي "القتال في الغابة الاستوائية" ومهام المراقبة.
وأعرب لومباردي عن أسفه من أنه عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا، فإن أغلب المعلومات التفصيلية تأتي من المدونين، وذلك لأن الصحافة الغربية قليلة، إن وجدت، في ساحة المعركة، وتخضع لرقابة مشددة.
من جهته، قال الباحث السياسي الفرنسي المتخصص في الشأن الروسي، سيلفان فريرا، في تصريح صحفي إن الرئيس ماكرون يواصل الحديث عن إرسال القوات الفرنسية إلى أوكرانيا، وخاصة إلى أوديسا "لحماية" آخر ميناء أوكراني رئيس على البحر الأسود".
وأضاف أنه "من المهم أن نتذكر أنه منذ ما يزيد قليلاً على مئة عام، في عام 1919، كانت فرنسا أرسلت بالفعل قوة استكشافية مدعومة من قبل "الملكية" لحماية هذا الميناء نفسه ضد الجيش الأحمر خلال الحرب الأهلية الروسية، ثم انتهت هذه المغامرة العسكرية بفشل ذريع"، محذراً من تكرار الموقف الفرنسي.
وأكدت هيئة الأركان العامة للجيش الفرنسي، من جانبها، لموقع CheckNews المتخصص في التحقق من المعلومات الكاذبة، أنه "لا يوجد جنود فرنسيون على الأراضي الأوكرانية".
وأوضحت أن "الجنود الفرنسيين منخرطون في إستونيا (مهمة لينكس)، وفي رومانيا (مهمة إيجل)، وأن الجيوش الفرنسية تساهم أيضًا في مهام الدفاع الجوي، وهي عمليات جوية تسمى AirShieldin، على الجانب الشرقي من حلف الأطلسي، في دول البلطيق، في بولندا وبلغاريا ورومانيا وكرواتيا".
وفي اتصال مع موقع CheckNews للتحقق من المعلومات، أوضح ستيفن براين أنه يحصل على معلوماته من قنوات "تليغرام" ومنصة "إكس".
ويشير ستيفن براين قبل كل شيء إلى أنه اعتمد على تغريدة نشرتها وكالة سبوتنيك، الروسية.
ولا يبدو براين قلقاً بشكل خاص بشأن مسألة التحقق من المعلومات، والسؤال هو "ما إذا كانت التقارير الموجودة على تليغرام وإكس وفيسبوك وغيرها ذات مصداقية"، بحسب صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.