الزرقاء اقرب مدينة إلى عمان عراقتها التاريخية ، ومحمياتها الطبيعية وقصورها التاريخية، والهامها للمبدعين لم ينف عنها تطور عجلة الزمن بها لتتحول إلى موطن للصناعات الوطنية الأردنية .
انها محافظة الزرقاء بتاريخها التليد والذي يعود إلى العصر الروماني والذي بنيت قلعة قصر شبيب على أنقاضها ، بينما ضواحيها تعج بالمواقع الأثرية مثل العلوك وهي مدينة بيزنطية على بعد 26 كيلومتراً غرب الزرقاء ، وخربة السمراء التي تقع إلى الشمال منها وتعكس شواهدها الأثرية إلى وجود هذه المدينة في القرن الخامس الميلادي، حيث عثر فيها على حجارة بازلتية تحتوي على كتابات باللغات اليونانية والسريانية، بجانب قصر الحلابات الذي يبعد عنها ب31 كيلومتراً على الطريق المؤدي إلى المفرق .
التكدس الصناعي والسكاني بالزرقاء وما قد يترتب عليه من ثلوث بيئي ملحوظ ، الا انها في المقابل، تضم محمية الأزرق الطبيعية التي أنشئت عام 1978م وتمتد المحمية على مساحة 12000 دونم .
وأعلنت محمية الازرق المائية كأول منطقة رطبة ذات أهمية عالمية على الطريق الأفريقي- الأوراسي في الأردن (منطقة رامسار) وذلك في عام 1977وكسبت هذه الأهمية بسبب ندرة نظامها المائي ولوقوعها بين الصحراء الكلسية من الغرب والصحراء البازلتية من الشرق مما جعلها غنية بالتنوع الحيوي وتوافر فيها نحو 141 نوعا من النباتات المائية كالحلفا و القصيب الفارسي التي تنمو في المستنقعات و نباتات السمار و الغرقد و الأثل، و ما يزيد عن 81 نوعاً من الطحالب و ما يزيد عن 163 نوعاً من اللافقاريات و ما يقارب 18 نوعاً من الثديات كإبن آوى و الثعالب الحمراء حيث أنها تعتبر ممرًا هامآ للثعالب و الضباع كما أنها تضم ما يزيد عن 11نوعآ من الزواحف و نوعين من البرمائيات وما يقارب 15 نوعا من الرعاشات والفراشات كما سجلت المحمية 274 نوعا من مختلف أنواع الطيور .
وذلك، فان المحمية محط زيارات أسراب الطيور على مدار العام إما للراحة في فترة الهجرة أو لقضاء فصل الشتاء و مواسم التزاوج .
مقصد التنزه
كانت الزرقاء أواسط القرن العشرين مقصدا للعائلات بهدف السباحة والتنزه ، كما كانت محضنا لاحتواء الجنسيات الوافدة اليها مما أغناها بالتنوع العرقي بين قبائل البدو والشيشان والشركس والفلسطينيين، بجانب الحركة الدؤوبة والنشاط الظاهر فيها بسبب احتواءها على معسكرات الجنود، وقطار سكة حديد الحجاز الذي يمرّ فيها باتجاه الجنوب، والمصانع ودور السينما فيها، وكل هذه العناصر كانت شاهدة على مراحل تطور الاردن وتمدنه .
تحولات
والزرقاء بين الماضي والحاضر شهدت تحولات عميقة بحكم مجريات الزمن، فمدينة الزرقاء تاريخيًا يعود اسمها إلى كلمة أكادية من مقطعين أولهما «زار» وتعني مياه و «كي» وتعني منطقة.
ووصف ياقوت الحموي نهر الزرقاء في موسوعته الشهيرة معجم البلدان، بأنه موضع بالشام بناحية معان، وهو نهر عظيم في شعاري ودحال كثيرة ، وهي أرض شبيب التّبعي الحميري ، وفيه سباع كثيرة مذكورة بالضراوة ، وهو نهر يصبّ في الغور .
وبوجب هذا الوصف التاريخي، فان المنطقة كانت مائية خصبة تلفّها الغابات، وتحيطها السّباع ، وتختلف عمّا صارت اليه حالها اليوم ، فمع مرور الزمن تحول النهر إلى واد جاف .
قصور وقلاع
تزخر الزرقاء بالعديد من الأماكن السياحية والأثرية والطبيعية ، منها قلعة الأزرق، وهي في الأصل قلعة رومانيّة، أُعيد بناؤها في الفترة الأيوبيّة المملوكيّة واستُعمِلت كمركزٍ لقوّات الثّورة العربيّة بقيادة الأمير فيصل بن الحسين .
وقصر عين السل، وهو قصر الباشا، الذي يعود الى العصر الأموي.، أما قصر الحرانة فقد أنشئ لأهداف دفاعية، ويحتفظ القصر بغرفه المكونة من61غرفة صغيرة ، موزعة على طابقين ، في شكل يقترب من القلعة ، ويضم برج صخري مستدير في كل زاوية ، وفراغات للضوء والتهوية ، ورمي السهام قديماً .
وبالرغم من فقدان الزرقاء للكثير من عناصر الجمال في القرن الماضي، الا انها اليوم تمثل قلعة الصناعة الوطنية، حيث تتركز قيمتها في المجالات الصناعية والاستثمارية، حيث تضم أكثر من نصف حجم الصناعة الوطنية، وتقع بالقرب من مراكز تصنيع الطاقة المتمثلة بمصفاة البترول الأردنية ومحطة الحسين الحرارية .
اتمني ان تستعيد محافظ الزرقاء تنافسها الجمالي القديم الي جانب تنافسها الصناعي والاستثماري، وبتقديري ان جلالة الملك عبد الله الثاني وهو يستعيد ذكرياته بها مؤخرا ، مشيدا بشهامة أهلها وكرمهم، واعلان سعيه إلى زيادة الاستثمار بها وتوسيع فرص العمل لأبنائها ذكورا واناثا، لن يدخر وسعا في العمل على احياء
جمال الزرقاء ، تطبيقا لرؤيته للتطوير والتحديث و خططه التنموية التي يعمل جلالته جاهدا على تحقيقها في مختلف القطاعات الحيوية والاقتصادية والثقافية في مختلف مدن المملكة .