إذا قيل خيل الله يوما ألا أركبي ** رضيت بكف الأردني انسحالها
الاردن الضارب في جذور الزمن تتحدث عنه اوابده واثاره الخالدة فهو الغني بمكونه البشري المعطاء والمتسامح مع الجميع المتعالي عن الهفوات والمتغاضي عن الجراح التي سببها قريب وصديق
لن اسرد او اطيل بذكر قصة عظمة الانسان الاردني الذي طوع الصخر والحجر وجعله محجا ومقصدا للعالم اجمع، بل جعل منه اعجوبة من عجائب الزمان، فمن نقش تاريخه بصخر البتراء، ومن احتضن او لقاء تصالحي في الاسلام بين سيدنا علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان في بلدة اذرح، ومن حفظ الدولة الاموية عندما اضطربت أركانها حيث يقول الشاعر في تلك الحادثة
لولا الإله وأهل الأردن اقتسمت ** نار الجماعة يوم المرج نيرانا
ومن حضن بنو العباس في بلدة الحميمة، وهم يخططوا مشروع دولتهم، ومن حرر بيت المقدس بعد ان فرط بها الكامل الايوبي، لا يمكن ان يكون وطن عادي وانسانه انسان عادي انه الاردن العظيم فالأردنيون لا يمكن الا ان يكونوا في الطليعة ودوما في قلب الحدث ومع الامة وان تنكر لهم القريب قبل البعيد
بقي الاردن مركز ومطمح للكثير من الأمم والشعوب، ولم يكن على الهامش يوما، فقد كان اقصى طموح عظماء العرب في الجاهلية وفي صدر الإسلام العيش بالأردن، ايعدنا محمد بجنات كجنات الأردن- ناهيك عن مؤته مفتاح الفتح الإسلامي خارج الجزيرة، ومنذ ان ارسال الخليفة الصديق جيش شرحبيل الى جند الأردن، الى ان ثار العرب على الاتراك كان الأردن ملاذ ومحرك لصناعة الاحداث، فالأحداث السابقة، والثورة العربية في العصر الحديث، و التي انطلقت بهدف بعث الحياة في الامة من جديد، لم تجد الا اهل الأردن والأردن ملاذ لها بعد ان تنكر لمشروعها الحلفاء واجهضوا ذلك المشروع قبل ان يرى النور حيث تقاسم الحلفاء الغنيمة، من خلال اتفاقية سايكس بيكو، فأعلنت بريطانيا وعد بلفور اسقطت فرنسا الحكومة الفيصلية في دمشق في 1920. وعلى اثر ذلك قامت في الاردن حكومات محلية مثل حكومة عجلون وترأسها علي خلقي الشرايري، وحكومة دير يوسف بزعامة الشيخ كليب الشريدة ، وحكومة جرش وترأسها محمد علي المغربي، وحكومة السلط وضمت السلط وعمان ومادبا، وحكومة الكرك بزعامة رفيفان باشا المجالي، كان هدف تلك الحكومات حماية مناطقها بغض النظر عن المساحة، من الفرنسيين، والبريطانيين، الى ان جاء الملك المؤسس وتوحدت هذه الحكومات لتشكل الأردن الحديث تحت قيادة الأمير عبدالله بن الحسين وبزوغ نجم امارة شرق الأردن عام 1921.
بقي الأردن تحت الانتداب البريطاني الى ان تم توقيع اتفاقية الصداقة والتحالف بين الاردن وبريطانيا في 22/3/1946، بموجبها اعترفت بريطانيا باستقلال الاردن وتم اعلان الاستقلال بشكل رسمي يوم 25/5/1946 وتوج جلالة المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين ملك للأردن، كانت تلك المرحلة مرحلة عصيبة فشهدت قرار تقسيم فلسطين، وحرب 48 التي قاتل فيها الاردنيون الى جانب اخوانهم العرب بكل رجولة وبسالة، مع عدم كفاية الأسلحة، والمعدات، وبالرغم من وجود قيادة اجنبية للجيش الأردني، الا ان ذلك لم يثنيهم عن اداء دورهم في الدفاع عن فلسطين، الذي فاق دور معظم الجيوش العربية التي شاركت في الحرب.
بعد استشهاد الملك المؤسس تسلم جلالة المغفور له الملك طلال بن عبدالله الحكم في الأردن و وضع الدستور الأردني وانتقل الحكم بعد ذلك الى الملك الحسين رحمه الله و شهدا الاردن مرحلة جديدة من حركة البناء والاعمار غير الاعتيادية بالرغم مما كان يتعرض له من ضغوط ومؤامرات من قبل الاشقاء في الداخل والخارج، فشهد انتعاشا انمائيا كبيرا فعمل جلالة الملك المؤسس على النهوض في الأردن في مختلف المجالات.
شهدت فتره حكم الملك حسين رحمه الله نقلة نوعية على مختلف الصعد، وان كانت اهمها على المستوى السياسي الغاء المعاهدة البريطانية، وعلى الصعيد العسكري تعريب قيادة الجيش، وفي مجال الصحة والتعليم ومعيشة الانسان الاردني شهدت نقلة نوعية أيضا، بالرغم من محدودية الإمكانيات، الا ان تلك المرحلة شهدت بناء الجسور وتعبيد الطرقات وبناء المستشفيات والجامعات والمدارس، والمنشأت الرياضية، والكهرباء، والمياه، والاتصالات، وغيرها من البنى التحتية على امتداد مساحة الوطن
وبعد وفاة الراحل العظيم الملك حسين رحمة الله الذي احبه الاردنيون حب فطري بلا نفاق او رياء، انتقل الحكم الى جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين الذي عزز ما تم بناءه في عهد الراحل العظم، وسعى جاهدا للوصل بالأردن الى مصافي الدول المتقدمة في كافة المجالات، ناهيك عن اهتمام جلالته والدور الملحوظ والملموس في دعم صمود الاهل في غزة فالأردن وبتوجيهات جلالته يواصل الليل بالنهار من اجل إيقاف هذا العدوان على غزة وتقديم كافة المساعدات للأهل هناك لتعزيز صمودهم، بالرغم من إمكانيات الأردن المحدودة في مختلف المجالات الا ان دوره هو الأبرز فيما يقدمه لصالح فلسطين بشكل عام وغزة بشكل خاص بعيدا عن الاعلام والضوضاء فما ينفع الناس يمكث في الأرض اما الزبد فيذهب جفاء، نسأل الله عزوجل ان يسدد خطاه وان ييسر له البطانة الصالحة و المخلصة لتراب الوطن والتي تعمل بجد واخلاص في ظل العرش الهاشمي للوصل بالأردن الى ما يطمح ولنحافظ على الاستقلال بالإصلاح ومحاربة الفساد ليكون الأردن العزيز معافى خاليا من الفساد والمفسدين واهل التقية في الوطنية
وكل عام والاردن وجلالة القائد الأعلى وولي عهده الأمين بخير..