الكناني
يكتب " أبناؤنا المُختطَفون "
نيروز-
كتب الشاعر احمد الكناني مقال يسلط الضوء على واقع مرير يتعلق في الأبناء في وقتنا
الحالي جاء فيه:
نعم أبناؤنا
مختطفون ونحن مساهمون في اختطافهم بقلوب مستسلمة وعيون منكسرة.
هم مختطفون
ونحن من ندفع بهم بعيدًا إلى أحضان غيرنا، أحضان تروق لهم وتشعرهم بالألفة والمحبة
وتغرّبهم عن أحضان أمهاتهم وأسرّتهم الوثيرة وحنان لمّة العائلة، منذ زمان بعيد لم
ترو أم فيه لولدها حكاية قبل النوم ولم يستمع ولد من أبيه لحكايات الإنسانية المفتقدة.
من زمان
بعيد ونحن نتنازل عن دفء البيت وننأى عنه إلى غرف الحوار المعلبة هنا في مواقع قطع
العلاقات الاجتماعية التي ندعوها مواقع التواصل والتي أسهمت في غربتنا عن أبنائنا حتى
بتنا وإياهم كائنات غريبة متنافرة غير منسجمة تعيش في بيت واحد وأفكارها شتى وأحلامها
متباعدة.
أبناؤنا
مختطفون إذ الأب يسعى في مناكبها والأم تنازلت عن دورها كمربية لصالح المدرسة والهاتف
والشارع والقرناء.
أبناؤنا
مختطفون لا قدوة لهم سوى نجوم الرياضة والطرب ولا واعظ لهم سوى ما يعرفون من أقوال
وحكم معلبة باتت كوجبة سريعة تقرؤها العين على عجل دون وعي فلا تستقر في قلب ولا تتأثر
بها جوارح.
أبناؤنا
مختطفون لم يستخدموا أيديهم من زمان بعيد للسلام ولا لريّ نبتة ولا لتربيتة على كتف
صديق كسير .
مختطفون
لم يعلّقوا صورة على حائط حميم ولم يرسموا قلبًا ويكتبوا حرفين بريئين على طرفيه، صار
القلب جاهزًا وملوّنًا والحرف غريبًا ومسنّنًا ومزيّنًا بما يشتّت العين ويميت الإحساس
بالحرف.
مختطفون
وما من أيادٍ طيبة تمتدّ فتقيل عثراتهم وما من خيوط محبة ترتق كسور أرواحهم وما من
جدات يغنين لهم تراويد تهدهد أرواحهم وتأخذهم إلى حيث المشاعر النبيلة والرغبة بالبكاء.
مختطفون
ومشدودون إلى وجوه غير وجوهنا ولغات غير لغتنا التي باتت بنظرهم كسيحة وهرمة.
مختطفون
فاستعيدوا أبناءكم ولا تلقوا بهم في قعر جبٍّ عميق ولا تنتظروا قميص يوسف وارتدّوا
الآن مبصرين.