في الآونة الأخيرة عاد الجدل والنقاش والاراء السياسية حول عنوان الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية على صفحات المواقع الإخبارية كعنوان بين مؤيد ومعارض بين معطيات الماضي ومستجدات الحاضر و عليه قد يتبادر في الأذهان في ظل تصاعد وتيرة الأحداث ومكوكية المفاوضات وتدفق التوقعات والتكهنات حول سيناريوهات إنهاء الحرب وكف ووقف آلة القتل الوحشية للمستعمرة الصهيونية على غزة وسيناريو اليوم التالي من الحرب السؤال الآتي.
هل إعادة النظر أو دسترة قرار فك الارتباط يجب إعادة النظر فيه؟
والمقصود هنا فكرة الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية التي وصفها الحسين بن طلال ذات يوم بالحلم الاردني وقد يكون هذا الحلم ليس من باب الطموح التوسعي ولكن كأجراء في كبح الأطماع الإسرائيلية الاستيطانية الاستعمارية بعض فقدان الأمل في الرهان على موقف عربي موحد يؤدي إلى تسوية سياسية عادلة للقضية الفلسطينية.
بعد انهيار ذلك الحلم والاخفاق في إدارة ملفه ومعارضته فلسطينيا وعربيا واسرائيليا آنذاك، وتطورات مجريات الصراع العربي الإسرائيلي قبل تحوله إلى الصراع الفلسطيني الاسرائيلي .
وضحت الرؤية لدى الدولة الأردنية الهاشمية بضرورة السير بخطى ثابتة نحو الملكية الدستورية وإطلاق مرحلة التحديث السياسي المؤدية إلى الحكومات الحزبية البرلمانية والتمسك بقرار إقامة الدولتين اولا من ثم قد يطرح نقاش فكرة التوأمة أو طبيعة العلاقة مابين الضفتين كعلاقة ما بين دولتين أردنية وفلسطينية اذا ما حدث الاتفاق ما بين الشعبين الشقيقين وتوفرت الشروط والمتطلبات ، ذلك للحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية والفلسطينية اللتان قد يشتركان بعوامل مشتركة سواء بالجغرافيا أو الديمغرافيا أو المصير المشترك لكن لكل منهما خصوصيته ومساره وحساباته ، وخصوصا في ظل غياب القرار العربي الواضح وتقلباته وترك الأردن وحيدا في مواجهة المخطط الذي يتم رسمه في المنطقة لتشكيل الشرق الأوسط الجديد سياسيا وجغرافيا وفي ظل التصريحات المتوالية من الداخل الإسرائيلي بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية والغور للكيان الصهيوني والتصريح بضرورة طمس هوية الضفة الغربية وإظهار سوء النية والنظر للأردن على أنه الوطن البديل وفرض أمر واقع يرفضه الأردن شعبا وقيادة متمسكين بهوية ووحدة التراب الأردني ومكوناته الديموغرافية وكيانه السياسي وطبيعة هيكله التي أسس عليه وهاهو يتم مئويته الأولى صامدا عبر تاريخه في وجه العديد من الأزمات العسكرية والاقتصادية التي عبرت المنطقة وغيرت الكثير من ملامحها وبقي الأردن محافظا على ثوابته ومواقفه الوطنية السياسية المتوازنة تجاه أمته العربية وقضيته الفلسطينية.
ولعل مايحدث اليوم على ملف القضية الفلسطينية هو من أصعب المراحل التي يحاول صانع القرار الأمريكي بحسمه وبغض النظر عن حساسيته واعتبارات الآثار التي قد تنتج إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار ملائمة هذا الحل لطبيعة ومصالح شعوب ودول المنطقة.
الإبقاء على هوية الضفتين الوطنية و والمجاميع الديمغرافية هي من أهم الأهداف الموضوعة على أجندة السياسة الأردنية .
من تركيا خرجت تصريحات غاية في الصراحة والمكاشفة من الرئيس ابو مازن أن الكيان في المستعمرة الصهيونية يستهدف وجود الديمغرافيا الفلسطينية عبر التركيز على استهداف المدنيين وأمعان سياسة القتل والتدمير ودفعها وإجبارها نحو خيارات الهجرة القسرية إلى رفح المصرية ولاحقا عسكرة الضفة الغربية لتوجيه الهجرة نحو الاردن الأقرب والاكثر تضررا في حال حدوثها وهذا تكريسا لمخططات الوطن البديل ، إذ أن وجود أكثر من ٧ مليون فلسطيني فوق أرض فلسطين هو عقبة أمام مشروع إقامة الدولة اليهودية ، وهنا جوهر الرفض الاردني الحالي لفكرة الكونفدرالية في ظرفها الحاضر الذي لن يخدم سوى المشروع الصهيوني الاستيطاني بتهيأة الظروف للتهجير الناعم اذا مافشلت القوة الغاشمة في تحقيق التهجير الجبري لكن صمود المقاومة والشعب الفلسطيني وثبات الموقف المصري والأردني ضد مخططات التهجير ستفشل اهداف قيادة حكومة المستعمرة الدينية اليمينية المتطرفة ، ونقول أننا صامدون مابقي الزيت والزيتون وانتم العابرون فخذوا من دمنا من لحمنا ما شئتم وانصرفوا فأنتم العابرون ونحن الباقون .