فيما مضى ...وفي غياب سلطة الدولة ..اجتهدت زعامات القبائل ..وأبدعت في إجتراح دساتير وأعراف غير مكتوبة ...التزمت بها ..وبموجب هذه الدساتير...سُيّرت الحياة العامة ...وضُبطت العلاقات مابين القبائل في مناطق نفوذها وسيطرتها...وسُنّت الجلوة في العديد من القضايا وفي مقدمتها قضايا القتل ...كإجراء وقائي واحترازي ...يحفظ الارواح والممتلكات ....ويحدُّ من إمتداد الجريمة ..ويمنح القضاء العشائري الفرصة لمعالجة هذه القضايا ....ومن المهم هنا ....أن الجلوة ..في. حينها ..لم تكن ..تُشكل. عبئاً على من تُفرضُ عليه...فالحياة كانت بسيطة ...والممتلكات متواضعة ..وكلفة الترحال ...لم تكن تثقل كاهل أحد .
وأما اليوم ..والدولة تتخطى عتبة مئويتها الاولى نحو المئوية الثانية من عمرها المديد باذن الله...وقد ترسخت هيبتها...وتوطدت اركانها ....وترسّخت مؤسساتها وأجهزتها..وقوانينها وأنظمتها .فلايليق ابداً أن تكون عاجزةً عن تجاوز أمر الجلوة...فالظروف ليست هي الظروف ...والحياة . لم تعد هي الحياة...والعالم قد تغير ... ولم يعد هو ذلك العالم ...المنفلت والفوضوي ....وشتان... شتان مابين بدائية الأمس وحداثة الحاضر .
ولعل الوقت قد حان أن تقود مستشارية العشائر جُهداً إبداعياً وإستثنائياً بالتعاون مع وزارة الداخلية.. وأجهزة الدولة المعنية وذات الصلة ...لعقد مؤتمرٍ وطنيٍ موسعٍ يشارك فيه جُلَّ المعنيين بهذا الأمر .من أجهزة الدولة ومؤسساتها ..وفي مقدمتهم قضاة العشائر الضليعين بهذه الصفة ..إضافة الى خبراء في القانون....على أن يخرج هذا المؤتمر بتوصياتٍ واضحة ٍ وشجاعةٍ ومُلزِمة ...تنهي ظاهرة الجلوة ..كلياً...من واقعنا الاجتماعي ....وتُلزم أجهزة الدولة بأن تضطلع بمهمة تطبيق الأنظمة والقوانين تحت أي ظرفٍ وفي أي زمانٍ ومكان ..وبكل قوةٍ وعزم ....وبما يحقق العدالة بين مواطني الوطن الاردني الواحد .