شَهِدَ الأردنُّ في يومِ الثلاثاءِ الموافقِ 10/9 أوَّلَ انتخاباتٍ نيابيةٍ تحتَ قانونٍ جديدٍ ناتجٍ عن مخرجاتِ اللجنةِ الملكيةِ لتحديثِ المنظومةِ السياسيةِ. يمكنُ تحليلُ هذه الانتخاباتِ من خلالِ محورينِ رئيسيينِ:
**أوَّلًا: محورُ المشاركةِ**
عندَ مراقبةِ نِسَبِ المشاركةِ في الانتخاباتِ على مستوى الوطنِ، نجدُ ارتفاعًا طفيفًا بنسبةِ 2.35% مقارنةً بآخرِ انتخاباتٍ في عامِ 2020، حيثُ كانت نسبةُ المشاركةِ آنذاك 29.9%، بينما بلغت في هذه الانتخاباتِ 32.25%. سعى رئيسُ الهيئةِ المستقلةِ للانتخاباتِ إلى رفعِ هذه النسبةِ إلى 36%، دونَ احتسابِ أعدادِ المغتربينَ. لكنَّ هذا الادعاءَ غيرُ دقيقٍ، إذ في انتخاباتِ 2020 و2016 لم يكن هناكَ حديثٌ عن مشاركةِ المغتربينَ أو عدمِها، وكانت النسبةُ تُحسَبُ بناءً على مجموعِ من يحقُّ لهم الانتخابُ.
بالعودةِ إلى نسبةِ المشاركةِ في هذه الانتخاباتِ، وعلى الرغمِ من الحملاتِ الإعلاميةِ التي قامت بها الدولةُ والأحزابُ والترويجِ للقانونِ الانتخابيِّ الجديدِ الذي يُمَهِّدُ لحكومةٍ برلمانيةٍ في وقتٍ لاحقٍ، نجدُ أن الغالبيةَ لم تكترثْ بالانتخاباتِ، خاصةً في عمانَ والزرقاءِ. ووفقًا لتحليلي، يعودُ ذلك إلى ثلاثةِ أسبابٍ رئيسةٍ:
1. سيطرةُ عقليةِ المؤامرةِ لدى الكثيرينَ، حيثُ يعتقدُ البعضُ أنَّهُ لا جدوى من التصويتِ لأنَّ الدولةَ هي التي تقررُ الفائزَ والخاسرَ.
2. عدمُ الاقتناعِ أو الفهمِ الكافي للقانونِ الانتخابيِّ الجديدِ، مما أدى إلى وجودِ أكثرَ من 260 ألفَ ورقةِ اقتراعٍ بيضاءَ أو باطلةٍ.
3. الاعتقادُ السائدُ بأنَّ مجلسَ النوابِ غيرُ قادرٍ على إحداثِ تغييرٍ حقيقيٍّ، وأنَّ الدولةَ ستنفذُ ما تريدهُ في كلِّ الأحوالِ.
**ثانيًا: محورُ النتائجِ**
أمَّا فيما يتعلقُ بالنتائجِ، فقد كانت المفاجأةُ الكبرى هي فوزُ الإسلاميينَ بنسبةِ 22% بعددِ 31 مقعدًا، بزيادةِ 5 درجاتٍ مئويةٍ عن انتخاباتِ 1989، حيث حصلوا حينها على 22 مقعدًا من أصلِ 80، ما يعادلُ نسبةَ 27%.
كانت محافظاتُ إربدَ والزرقاءِ وعمانَ هي الداعمَ الأكبرَ للإسلاميينَ، إذ حصدوا في هذه المحافظاتِ نسبًا بلغت 58% و42%، بينما توزعت باقي الأصواتِ على المحافظاتِ التسعِ الأخرى. تفوقَ الإسلاميين بفارقِ خمسةِ أضعافٍ على أقربِ منافسيهم، حزبِ ميثاقٍ، وهذا من حيثُ العددِ المطلقِ وليس عددَ المقاعدِ.
يبرزُ هنا قوةُ الإسلاميون وترابطُهم، إذ أعلنوا فورًا عن فوزِ 31 نائبًا، في حين أنَّ حزبَ ميثاقٍ أعلن في البدايةِ عن فوزِ 21 نائبًا، ثم أضافَ 9 نوابٍ آخرينَ لم يكشفوا عن انتمائهم الحزبيِّ لميثاقٍ إلا بعدَ إعلانِ النتائجِ، غالبًا خوفًا من ردودِ فعلِ قواعدهم الشعبيةِ والعشائريةِ، وهو أمرٌ لا نجدهُ لدى الإسلاميينَ.
عندَ الحديثِ عن نتائجِ المرأةِ والشبابِ، نجدُ أنَّ المرأةَ حصلت على 27 مقعدًا، بنسبةٍ تقدَّرُ بـ19% من مجموعِ المقاعدِ، 18 منها ضمنَ الكوتا، و9 ضمنَ القوائمِ الحزبيةِ. أمَّا الشبابُ، فقد كانوا الأقلَّ حظًّا بنسبةِ 4% فقط، بعددِ 6 مقاعدٍ. وبذلكَ، يظهرُ أنَّ القانونَ الانتخابيَّ الجديدَ لم يمكِّنِ الشبابَ من الوصولِ إلى البرلمانِ بقدرِ ما مكَّنَ المرأةَ.