طلب مني زميلي قبل( ١٨ ) سنة أن أتصل مع والد خطيبته وأهلها لكي أقنعهم بعدم فسخ الخطوبة ؛ بسبب تضايق الأهل والخطيبة من فقر صهرهم المدقع ، حيث أزداد فقراً بعد وفاة والده ووالدته و تحمله لأعالة أخوته من الإناث اللواتي حصلن على معدلات عالية ودرسن في الجامعة؛ كونه شقيقهن الوحيد من الذكور مما تسبب في فقر صديقي لدرجة لا يتصورها العقل .
بالفعل إتصلت مع الوالد بشكل متكرر بعدما عرفت على نفسي بأنني صديقه من الطفيلة و درست معه في الجامعة وكان كل مرة يغلق الهاتف في وجهي قائلاً :" صديقك بخلان على خطيبته بقزازة عطر وباقة ورد مش لهدرجة " .
وبعد محاولات أقنعت الوالد بعدما اتصلت معه منفرداً وأخبرته أن صهره درس معه في الجامعة وكان يمضي وقته في المسجد و قيام الليل وتمسكه في رعاية إخوته دلالة على نبل أخلاقه وطهارة نفسه وأقنعته سوف يكون له كأبنه في شيخوخته .
وافق بالفعل وتزوج صديقي ولكنه لم يقم حفلة كبيرة لخطيبته وتزوج بشكل عفوي دون تكاليف، مما جعل حماه وحماته والأهل يشعرون بالغضب منه ، حيث اشترطوا أن يتزوج أبنتهم ولا يزورهم في البيت بسبب معارضة الأم والأبناء الذكور للزواج أصلاً و بسبب ما حدث بعد الزواج من عدم مقدرة الصهر على تلبية تكاليف الحفلة حتى أنه عجز عن دفع تكاليف الصالون و غيرها .
بعد زواج صديقي بيومين أتصل حماه معي قائلاً :" صديقك فضحنا أمام الناس بفقره وعجزه عن القيام بتكاليف العرس أشعر أنك خدعتني في صديقك لو فسخنا الخطوبة ولا هالأحراج " .
فرديت عليه:" يا حج هذا مكسب الك في المستقبل والمال مش كل شيء أهم شيء الخلق والدين وراح يصبح سند الك في المستقبل " فرد عليَّ قائلاً :" الفأس وقعت في الرأس خلص فات الفوت وتزوج و لا أريد أشوف وجهه ، وأخبر صديقك بهذا الكلام " .وأغلق الهاتف وهو يردد "فات الفوت" .
بعدها لم أخبر صديقي بما قاله حماه وأوصيته به خيراً ، وقتها غضبت مني زوجتي قائلة :" وضعت نفسك في موقف محرج، لا عمرك تنصح ولا تتدخل في أمور الزواج، إذا ما بتنعدل راح احكي لعمي (والدك) يحط الك حد أنت زودتها كثير تتدخل فيما لا يعنيك " .
بعد مرور (٣) سنوات من زواج صديقي ، مرض والد زوجته مرضاً شديداً أقعده في الفراش ، فلا يستطيع القيام و لا الذهاب إلى الحمام و كان في حالة من الحياء الشديد تجاه أبنائه الذين لا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع حاجات كبير السن ، حيث كان يقول للناس:" ابنائي عبارة عن أجانب لا يشعرون في عاطفة الأبوة تجاه والدهم، فهم منشغلون بهموم وزخارف الحياه و زخارفها " مما جعل والدهم يشعر بالإحراج في الطلب منهم بتقديم الرعاية الخاصة من نقله إلى الحمام وتنظيفه مما دفع بصهره إلى القيام بخدمته وتنظيفه عنوة رغم أن حماه ينحرج من هذا العمل ، فقد كان صديقي على درجة عالية من الفهم والدراية والخبرة و كنت دائما أحثه على عمل الخير تجاه حماه وأوصيه بالقيام برعايته على أكمل وجه كونه بمنزلة والده ووالد زوجته و جد أبنائه .
استمر صديقي بهذه الرعاية حتى أنه كان يمدد إجازته ويمضي وقته معه طوال النهار والليل والأبناء يراقبون والدهم من بعيد ويشعرون بالإمتعاظ بسبب تلك العلاقة الوطيدة التي أصبحت تربط زوج أختهم بوالدهم ، حيث كانوا لا يتحدثون معه قبل ذلك بسبب عدم قدرته على الوفاء بتكاليف الزواج .
كانوا الأبناء الذكور ينتظرون وفاته لكي يتقاسموا التركة وهي أرض تجارية لكي ينتهوا من معاناة والدهم ، في تلك الفترة . كان صديقنا يستمر بعنايه حماه حتى شفي تماماً وعادت إليه الروح من جديد ، فلما عادت إليه الروح أصبح يدرك أن صهره مكسب له ولإبنته مما حدا به إلى تغيير علاقته مع صهره بعدما كان يقاطعه ولا يتحدث معه ، وأصبح حماه يزوره بإستمرار ويقوم بإحضار الكثير من الأشياء الثمينة لبيت ابنته بعدما أصبح مقتدراً ، حيث باع جزء من أرضه على مستثمر وأشترى بالنقود محال و شقق سكنية تدر الكثير من الأموال وكان في كل زيارة يعطي أحفاده المال حتى أن صديقي قد ذكر أنه عندما انجبت زوجته طفلة قام حماه بتقديم المال فيما يعرف (بالنقوط ) إلى الطفلة سراً في مغلف تفاجأ بأن النقوط (٣٠٠٠) دينار ، مما حدا به إلى استشارتي في المسألة حول ماذا يفعل حول المال ، فقلت له بصريح العبارة حتى لا يرجع النقوط (انطقر (أسكت ) ولا تثرثر و اخفي الأمر) . هذه رزقه اجت للطفلة من جدها ولا يجوز إرجاعها أو إطلاع الأقارب عليها خوفا من الحسد والفتنة . أنت صاحب الأولة وصاحب الأولة ما يلتحق على رأي البدو ، أنت عملت معروف مع والد زوجتك و جاء دوره ليرد لك المعروف والجزاء بضعفه بعدما فتح الله عليه من الخير العميم ، اشكر حماك وادعو له دائما بالخير وحسن الخاتمة .
أصبح حماه ينتظر بشغف لعودته من إجازة الدوام لكي يجلس معه بالبيت والحديقة ويقضي معظم وقته عنده حتى أنه يمضي ليلته وينام عند صهره ، حيث يقضي معظم وقته يجالسه ويحترم أحفاده لدرجة أنه يميزهم على أحفاده من أبنائه الذكور ، فلا يعمل حماه وليمة إلا عند عودته من الدوام وأصبح صهره أميناً على ممتلكات حماه (عمه) بعدما سافر الأبناء إلى خارج البلد .