زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي رئيس الوزراء، إلى مصر، تتبعها نقلة استراتيجية واقتصادية وتجارية في العلاقات بين البلدين. إذ تؤدي التجارة والاستثمارات المتبادلة دورًا محوريًا في تنمية هذه العلاقات وتعزيز دورها على المستويين الإقليمي والدولي. وتأتي في مرحلة سياسية حساسة وشائكة في المنطقة على وقع التصعيد الإسرائيلي الإيراني، فضلا عن الحرب المشتعلة منذ سنة في غزة ولبنان. إذا الزيارة ستدعم آفاق التعاون والشراكة بين البلدين بما يحقق مصالح الشعبين، فهما ركيزتا الاستقرار في المنطقة وصمام الأمان للمصالح العربية العليا.
الاستثمارات السعودية في مصر
الدولة المصرية تهتم باجتذاب الاستثمارات السعودية في مجالات متنوعة، وعمل على تذليل العقبات لزيادة تلك الاستثمارات وتنميتها، حيثُ ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين البلدين لتبلغ خلال النصف الأول من العام الحالي 8 مليارات دولار. وقيمة الاستثمارات السعودية تتجاوز نحو 26 مليار دولار بعدد يتجاوز 8 آلاف شركة، وتبلغ قيمة الاستثمارات المصرية في السعودية 4 مليارات دولار، وعدد شركات 3 آلاف شركة.
المملكة ضخت استثمارات جديدة خلال العام الجاري 2024، بقيمة تصل إلى 1.5 مليار دولار أغلبها توجه للقطاع الصناعي، وكذلك قطاعات الطاقة والعقارات والبنية التحتية في مصر، كما أن استثمارات المجموعة الحالية في مصر تبلغ 5 مليارات دولار، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين 5.6 مليار دولار فى 2022، مقابل 4.5 مليار دولار عام 2021، فمثلاً تتوسع شركة هيدروجين مصر في السوق السعودية، التي تُعدّ مصدرًا أساسيًا لتوفير إمدادات الطاقة النظيفة لدول آسيا التي يزيد فيها الطلب يوماً بعد يوم، ويعدّ وقود المستقبل، تركيزاً على تكامل السوقين المصرية والسعودية، في قطاع الهيدروجين الأخضر، الذي جرى تقييم سوقه العالمي في عام 2020، بنحو 150 مليار دولار، وسط توقعات ببلوغها 600 مليار دولار بحلول عام 2050.
هذا النمو جاء بعد لقاءات عن طريق تشكيل مجلس تنسيقي أعلى للبلدين، يبحث فرص الاستثمار الواعدة لمجالات جديده مثل الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر، وهناك تعاونا بالفعل بينهما في مجال التنقيب عن الغاز مع أكبر شركات الطاقة، وهي عملاق الطاقة العالمي أرامكو، وقد دعمت المملكة العربية السعودية بقوة الاقتصاد المصري، فقررت ضخ استثمارات جديدة بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق الاستثمارات السعودية، وهناك نية لتطوير وتنمية "رأس بناس" لتكون على غرار المشاريع العالمية التي تسعى مصر للشراكة فيها لضمان الاستثمارات العالمية وتدفقها.
أما كونهما حجر الزاوية في العلاقات العربية، فالمواقف السياسية والدبلوماسية للدولتين المصرية والسعودية هي أساس المواقف الثابتة والمبدئية للأمة العربية... ولأن موقف البلدين من القضية الفلسطينية واحد وينطلق من الإيمان التاريخي بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على حدود الرابع من يونيو 1976 وعاصمتها القدس الشرقية وعلى أساس المبادرة العربية التي أطلقها العاهل السعودي الملك عبد الله رحمه الله، فكان التوافق المصري السعودي بشأن القضية الفلسطينية، لكون الدولتين مركز الثقل العربي وذواتي تأثير إقليمي ودولي وكلتاهما فاعل على الساحة العربية والإقليمية والدولية.
وجود مجلس تنسيقي أعلى بين البلدين مهم جدا لدفع العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية سيلعب دورا كبيرا في صياغة المواقف السياسية، خاصة أن المنطقة العربية معرضة لمخاطر جمة بسبب المخططات الإسرائيلية وحرب الإبادة الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة واحتمالات توسعها.