فُجِع جمهور الشعر والنقاد يوم امس الخميس بخبر وفاة الشاعر السعودي البارز بخيت السناني، المعروف بمسيرته في مجال شعر المحاورة، بعد حادث سير أليم قرب المدينة المنورة، إذ كان في طريق عودته من حفل شعري شارك فيه وأمتع جمهوره بأبياته البليغة.
مسيرة إبداعية غنية
بدأ السناني، منذ سنوات شبابه، مسيرته الشعرية وسط تفاعل واسع في ميادين المحاورة، حيث قدم الكثير من الأبيات المؤثرة وتفاعل مع شعراء مشهورين، مثل صياف الحربي وحبيب العازمي، مما أكسبه شعبية كبيرة. وقد تميزت أشعاره بقوة لغتها وبراعة تراكيبها، ما جعله محط إعجاب الجماهير الذين أطلقوا عليه لقب "متنبي جُهينة". بفضل قدرته على تسخير جماليات اللغة العربية، كان السناني أيضًا محبوبًا في المجالس والدواوين، حيث ترددت كلماته واستشهد بها الناس في مختلف المناسبات.
حكيم الشعر وحامل لواء الثقافة
لم يكن السناني شاعرًا عاديًا، فقد عمل معلمًا للغة الإنجليزية، مما منحه رؤية متكاملة بين الثقافتين العربية والغربية، وقدرة على التعبير بأسلوب عميق ومؤثر. ونتيجة لشخصيته الحكيمة، لُقّب بـ"حكيم الشعر"، إذ حرص دائمًا على تقديم قصائده بطريقة تلائم جمهور الشعر الأصيل.
قصيدة "الإشارة" والمفارقة المأساوية
يرتبط الشاعر الراحل بقصة غريبة مع الحوادث، ففي عام 2010 تعرض لحادث مروري خطير على طريق الطائف كاد أن يودي بحياته. بعد نجاته، نظم السناني قصيدة يخاطب فيها "إشارة المرور"، معبّرًا عن مشاعره حيال اللحظات التي كان يجتاز فيها الإشارات دون انتباه، منشغلًا بالتفكير العميق، وكأنها كانت إشارة للوداع في المستقبل، حيث قال:
> "أنا لي ثلاث شهور من شدة التفكير
أمر الإشارة والعه وتعداها
ونجاني الله من حوادث مرور السير
وأكيد ان لي لحظة وداع أتحراها.."
وداع من القلب
قبل أيام قليلة من وفاته، شارك السناني جمهوره قصيدة مؤثرة وصف فيها دورة الحياة بين الطفولة والشيخوخة، وكأنها كانت وداعًا غير مباشر لمُحبيه، حيث قال:
> "الآدمي رحلته في ضعف يبديها
شاقي بدنياه لو ماهو بضامنها
أول حياته يحوبي شاقي فيها
ويرده الله يحوبي عايف منها."
ختام مسيرة ملهمة
برحيل بخيت السناني، فقد الشعر العربي أحد أعمدته البارزين في فن المحاورة. لقد استطاع هذا الشاعر أن يترك أثرًا في قلوب محبيه، وحفر اسمه في ذاكرة الشعر العربي، حيث كانت أشعاره انعكاسًا حقيقيًا لحكمته وشخصيته العميقة، لترحل معه قصائده وتظل كلماته خالدة في أذهان عشاق الشعر ومحبيه.