عرض الخبير والمحلل الإستراتيجي والاقتصادي المهندس مهند عباس حدادين من خلال مشاركته في الندوة التي عقدها مركز الرأي للدراسات في مقر الجريدة الخميس الماضي لتحليل وقراءة خطاب جلالة الملك في البرلمان 20 من بأبعاده السياسية والإقتصادية،حيث تحدث حدادين بمقدمة بين فيها انه لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة، فموقع الاردن الجيواستراتيجي داخل منطقة تجمع قارات ومنطقة صراع سياسي واقتصادي عالمي وقدرنا اننا بهذه المنطقة، لكن ما يعطي التفاؤل للاردن ان الدولة الأردنية صامدة منذ مئة عام ولا تزال، وبوصلتنا الرئيسية هي فلسطين وقد اشار لها جلالة الملك بخطابه وحاول ابعاد اي افكار تشوش على قضية فلسطين ،فالاردن الدولة الوحيدة التي تبنت القضية الفلسطينية قولا وفعلا واثبت ذلك بالاحداث الاخيرة من مساعدات واعانات ودبلوماسية متميزة وكلها انجازات سياسية تحسب للاردن وما قام به.
وفي حديثه عن الجانب الاقتصادي قال حدادين نواجه الآن حربين رئيسيين في العالم، وهذه الحروب اقتصادية، الحرب الروسية الاوكرانية التي بدأت بعد جائحة كورونا، التي انهكت الاقتصاد العالمي، وهي مناحرات بين اقطاب لمنع ثروات معينة ان تتوجه لاوروبا عن طريق روسيا.
اما حرب غزة فكان هناك قفز عن القضية الفلسطينية حيث حاولوا ان يتجهوا للجانب الاقتصادي ويقوموا بحلول اقتصادية بالمنطقة على حساب القضية الفلسطينية كل ذلك اضر بالمصلحة العالمية والإقليمية بما فيها القضية الفلسطينية ما دفع للتحرك وتجمعت الامور والضغوطات والافعال التي قامت بها اسرائيل من حكومة يمينية متطرفة تماهت مع سياسة الاقتصاد العالمي، حيث كان هناك مخططات استراتيجية اقتصادية عالمية منها حروب الغاز وبديل لقناة السويس ونقل التكنولوجيا لإسرائيل كانت جميعها تستهدف المنطقة التي نعيش بها وخصوصا اسرائيل لتكون بؤرة العالم الاقتصادي العالمي، لكن ذلك لم يتحقق وفشلت في السابع من اكتوبر، لانه تم القفز عن القضية الفلسطينية فبالتالي هذه الحرب كانت حرب اقتصادية ودلالة على ذلك ان السبب الوحيد الذي افشل الديمقراطيين بالانتخاب هو الاقتصاد، لم تسعف هذه الحروب الاقتصاد الامريكي.
ويتابع حدادين الآن الاقتصاد العالمي يعاني من ضائقة صعبة، وهناك تراكم دين عالمي بمقدار 315 ترليون، الدين الامريكي 36 ترليون دولار، وانعكست هذه الحروب ذلك على الاردن وتأثر بشكل كبير.
لقد وصلت المديونية في الأردن 43.7 مليار دولار وتشكل 116% من الناتج الاجمالي ،ونسبة النمو بدأت بالتأثر، رغم كل ذلك خلق الاردن من هذه التحديات فرص حقيقية، واقتصاده لم يهتز، نتيجة السياسة النقدية الحصيفة، فلدينا احتياطات نقدية 20.3 مليار من العملات الصعبة، واكتفاء ذاتي بنظري يكفينا لسنة وممكن اكثر، وتصنيفنا الائتماني العالمي أفضل من دول كثيرةولم يتزعزع.
ويضيف نحن الآن بحاجة لترتيبات داخلية، من خلال منظومة التحديث الاقتصادي، وبدانا بالمنظومة السياسية وانتجنا برلمان 20 ونأمل ان نسير بالاتجاه الصحيح وهذه المنظومة يجب ان ترتبط ارتباطا وثيقا بمنظومة التحديث الاقتصادي لاننا اذا لم ننجح بالاقتصاد لن ننجح بالبرلمانات القادمة.
ولدينا مشاكل اشار لها جلالة الملك وهي البطالة، التي تبلغ نسبتها 21% لدى الشباب، وعندنا فقر، اذا لم يحس المواطن ولم يلمس تحسن اقتصادي لن يتجه للعمل السياسي، فستكون اولياته تأمين العيش والوظيفة، ويبين حدادين ان نجاح الاقتصاد سينعكس ايجابيا على المنظومة السياسية، وستبقى هناك عقبة بالتحديث الاقتصادي ان لم نعالج الخلل به.
والحكومة الحالية بدأت بالاتجاه الصحيح، من محاولة اعادة ثقة المواطن بالحكومات، فالرئيس نزل للشارع ليتلمس حاجات المواطن والمشاكل، لان عدم النزول للشارع يضع المسؤولين في مصاف ان يصنع استراتيجيته على الورق لتكون غير قابلة للتطبيق لانه لم يتلمس وضع المواطن ولم يتلمس ما يعانيه.
وهذا له فائدتين الاولى ثقة المواطن تعود الى الحكومات القادمة، والثانية قد تكون معيقا لتطبيق سياسات واستراتيجيات يلمسها ويعكسها على هذه الاستراتيجيات وتحقق نجاحا وتقدما.
ويشير حدادين الى ان لدينا نسبة نمو نتيجة للتأثيرات الجيوسياسية بلغت هذا العام 2.4% ومتوقع ان تكون السنة المقبلة2.5%، وجلالة الملك طلب ان تتحقق نسبة النمو مع رؤية التحديث الاقتصادي والذي متوقع ان تصل الى 5%، ويمكن تحقيقها بعدة نقاط تعمل عليها الحكومة كالتالي:
1- ان يكون لدينا بنك للمعلومات نستطيع ان نحصل على معلومات في المجال الاقتصادي من كل المحافظات والوزارات لتنفيذ السياسات والدرسات والخطط والمشاريع لنستند اليها بالمستقبل في معالجة الاخطاء وتعظيم الايجابيات ، هذه المعلومات بغض النظر سواء كانت سلبية ام ايجابية يجب ان نحصلها ونحتفظ بها لاننا نقوم باداء جماعي وحكومي وليس اداء وزارات، لا نريد ان يدخل الوزير ويضيء الجوانب الايجابية ويترك السلبية، فالسلبية اذا تم معالجتها في جزئياتها الصغيرة تساهم في تحقيق الخطط والمشاريع الكبرى بنجاح.
2- الاستثمار، كون المرحلة معقدة ولا يوجد تمويل لمشاريع استراتيجية فيجب ان نعمل مشاريع إستثمارية تركز على تأمين الاستدامة من الطاقة ومياه وغير ذلك، وان نفكر بطريقة اخرى للاستثمار، ونشجع المستثمرين المحليين والعرب ونعمل مشاريع صغيرة وان ندعم هذه المشاريع وننميها بتسويقها، فلدينا منصات الكترونية ونستفيد من تسويق المنتجات للخارج.
والآن المعادلة اختلفت عندنا خلل في ميزان الصادرات والواردات، نأمل بالتحديث الاقتصادي ان يعالج، حتى نشجع الصادرات اكثر ونقدم حوافز اكثر، بالاضافة للتسويق ودخول اسواق جديدة كالسوق الاوروبي ولنعرف متطلباتهم والمواصفات والمقاييس التي يريدونها حتى نزيد من عملية التصدير ببضائع لم تكن تصدرللخارج.
3- معالجة الخلل الضريبي، لا نزال نعالج الهيكلة الرئيسية باليات معينة لتحقيق نمو حقيقي لدعم الشركات التي تستطيع ان تصدر، لا نريد استثمار خدماتي، نريد استثمار صناعي وزراعي دائم يضيف للاقتصاد الوطني، فالناتج الاجمالي 50 مليار دولار نأمل برفعه مع نهاية رؤية التحديث الاقتصادي،اذا دعمنا الصناعات الوطنية من ناحية وتقليص الفجوات بين الصادرات والواردات حتى نستطيع ان نصنع.
ويعرض حدادين لما جاء في خطاب الملك من ناحية الاستثمار بأن نستفيد من علاقاتنا، ويحاول الملك خلق بيئة للاستثمار بالاردن والاقتصاديين والقطاع الخاص سند رئيس بهذا الاتجاه.
ويضرب حدادين مثلاً، الصناديق السيادية الخليجية، قيمتها 15 تريليون دولار، فحتى نرغب بالاستثمار عندنا يجب تشكيل لجنة اقتصادية تعمل مع وزارة الخارجية وتتابع زيارات جلالة الملك وهذه اللجنة تدعم وتوفر فرص للاردن وتجسر بين الحكومة والمستثمرين بالخارج والداخل لعمل مشاريع داخل الاردن وهذا قد يساعد بالاستثمار.
اما السياحة فهي احدى المحركات الرئيسية للانتاج، فهذه السنة نتيجة الاوضاع السائدة في غزة تراجعت السياحة الخارجية لكن السياحة الداخلية والخليجية زادت، وممكن عمل سياحة مؤتمرات وعلاجية للاردن ودعا الى التركيز على المحتوى الاعلامي السياحي لابراز صورة الاردن للخارج بعمل منصات رقمية تبرز الاماكن السياحية وخاصة الدينية لنستقطب سياحة دينية من الحج المسيحي ونعمل ونوثق بالمنصات بمواقع الكترونية تربط التاريخ بالحدث ونرفع مستوى السياحة بطرق معتمدة.
بالاضافة لكل ذلك، تطرق الملك للشباب، الجيل الجديد ليواكب التطورات التكنولوجية، وحيث أننا نعيس في الربع الاخير من الثورة الصناعية الرابعة وسندخل بالثورة الصناعية الخامسة بالذكاء الاصطناعي، فمخرجات التعليم يجب ان تراجع، هذه المخرجات يجب ان تتواءم مع السوق اذا لم نجهز انفسنا للسوق فسيفوتنا قطار التكنولوجيا، ويجب ان يكون هناك ربط، لهذه المخرجات مع التكنولوجيا الجديدة فهناك وظائف جديدة خلقت مع دخول التكنولوجي والذكاء الاصطناعي فيجب تأهيل الخريج الجامعي وان تكون المؤسسات الجامعية ومراكز التدريب موجهة نحو التقدم التكنولوجي.
ويذكر حدادين بان الناتج الاجمالي الامريكي 50% يعتمد على الشركات التكنولوجيا والصين 60% وهونغ كونغ 70%، اذا تمكنا من التأهيل المناسب بالجامعات والبناء الصحيح نستطيع ان ندخل سوق العمل.
هناك اناس عندهم القدرة والتميز واثبتوا للعالم من خلال عملهم بالخارج.
واقترح حدادين ان تتميز هذه الحكومة عن الحكومات السابقة بان لا تغلق على نفسها بل يجب ان تنفتح على الخبراء في الاردن من الإقتصاديين، فلدينا كفاءات بالداخل والخارج يستطيعون ان يقدموا مشاريع وافكار ملائمة للواقع الخارجي وان تشكل لجنة تشرف على التحديث الاقتصادي من القطاع الخاص أضافة للقطاع العام لتعظيم المخرجات الايجابية ووضع المخرجات السلبية للخطط غير الناضجة على جنب واستبدالها ببدائل سريعة توائم التغيرات لان هناك متغيرات عالمية جديدة ويجب التفكير خارج الصندوق وان يكون المسؤول على قدر المسؤولية. لدفع المتغيرات ويستطيع ان يضع خطط بديلة ونأمل ان يتقدم الأردن بالنمو الاقتصادي ويحقق وظائف اكثر ويقلل نسب الفقر كما ارادها جلالة الملك .