وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ،عاصرت قبل (١٨) سنة أحد أولياء الله الصالحين نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا ، نتحفظ على ذكر أسمه لأسباب دينية ولكن الأستاذ الفاضل سليمان العمايرة(أبو محمد) لديه معرفة به ، حيث أنني في ذلك الوقت لم أكن أعلم أن الرجل الذي كنت أعاصره من أولياء الله الصالحين و ذلك بسبب قلة خبرتي في الأمور الدينية والحياتية والإجتماعية، حيث كنت في مقتبل العمر (٢٥) عاماً .
كنت ألمس في فترة زيارة ذلك الرجل - رحمه الله - سعة بالرزق والبركة رغم أن راتبي قليل جدا ، كان لا يتجاوز (٢٠٠) ديناراً في ذلك الوقت و كنت مستأجرا و زوجتي لا تعمل و عليَّ التزامات شهرية كثيرة إلا أنني ألمس البركة في زيارته و في الأيام التي تعقب تلك الزيارة رغم أنني في ذلك الوقت لم أكن معروفا لدى الناس ولست إعلاميا ولا كاتبا ولا اتقاضى أي أجور أو رواتب أخرى بإستثناء راتبي جراء تدريسي للطلبة في المدرسة .
وقبل وفاته كان يدعو لنا أيضا بأن يرزقنا الله بيتا نسكن فيه وسيارة ، وهذا ما حصل بالفعل لاحقا بفضل الله وبركته ، كما كان يغدقنا بدعائه المستمر وكان فرحا جدا عندما علم بشرائي لبيت قديم ، حيث وعدني بزيارة للبيت إلا أنه فارق الحياة قبل تلك الزيارة ، على أثرها شعرت بالحزن الشديد ولوعة الفراق لوفاته، خاصة أنني استشعرت أن الشيخ لديه كرامات لم أكن أعلم بها إلا بعد وفاته ، بعدما قصصت أحاديثه على أهل الخبرة والعلم ، فقد دعوته في أحد المرات لبيتي لكي يقرأ على زميل صاحب خلق ووظيفة رفيعة ، فقد كان يشكو لي تعثر سبل الزواج و رفضه من قبل الكثير من البنات ، فعندما قرأ عليه شعر بالتحسن وانشراح الصدر ، بعدها بأيام تم خطوبته بتوفيق الله ثم بدعوة ذلك الرجل المباركة
ولاحقا بعد وفاته وبعد كل هذه السنوات، بدأت أسرد للمقربين من المشايخ عن قصة زيارة ذلك الرجل لبيتنا قبل زهاء ( ١٨ )سنة وما تجلبه علينا من بركة، و كانوا يقولون لي :" لعل الذي كان يزورك ولي من أولياء الله الصالحين، بينه و بين الله اتصال روحاني ، ولعل سره المخفي انتقل معه إلى عالم الآخرة .
كما أنني سردت ما كان يحصل معنا من بركة ومواقف لأحد المشايخ ، فتغير وجه الشيخ وأصبح يتمتم بكلام لم أفهمه وفجأة صرخ في وجهي قائلاً :" قم وأغرب عن وجهي ، لماذا لم تعلمنا بهذه الحوادث والمواقف التي كانت تحصل معك قبل وفاته؟؟!! .
فأجبته :" لم أكن أعلم بركة ذلك الرجل إلا بعد وفاته ، لقلة خبرتي في الحياه ، وكأنني أصبت بالغفلة وقت زيارته لنا ، ولم أعرف قدره ومكانته إلا بعد وفاته وزيادة خبرتي في الحياه .
لهذا علينا التقرب ممن نشعر أنهم من أولياء الله الصالحين نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا، لعل الله يفرج عنا الهموم والأوجاع ببركة دعائهم .