في خطوة تنم عن استغلال سياسي فاضح، قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 25 يناير 2025، قطع المساعدات المقدمة للأردن، والتي تبلغ 1.8 مليار دولار، في محاولة لاستخدامها كورقة ضغط على الأردن للقبول بخطة تقضي باستقبال المهجّرين الفلسطينيين من قطاع غزة... غير أن هذا القرار لم يلقَ سوى رفضٍ قاطعٍ من جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي أكد، كما فعل مرارًا، أن الأردن ليس بديلاً عن فلسطين، وأن التهجير القسري مرفوض جملةً وتفصيلًا.
لكن الدبلوماسية الأردنية، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لم تكتفِ بالرفض، بل قابلت هذا الابتزاز السياسي بخطوة استراتيجية مدروسة... فبعد أربعة أيام فقط من قرار واشنطن، وقّع جلالته في 29 يناير 2025 اتفاقية شراكة اقتصادية مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 3 مليارات دولار للسنوات الثلاثة القادمة ، متجاوزًا بذلك تداعيات القرار الأمريكي، ومؤكدًا أن الأردن ليس رهينةً لأي ضغوط سياسية، بل دولة ذات سيادة قادرة على تأمين مصالحها بعيدًا عن أي إملاءات أو ضغوطات.
هذا التحرك السريع والفعّال يعكس حنكة الملك عبدالله الثاني في إدارة الملفات الدولية، ويؤكد أن الأردن ليس تابعًا لأي طرف، بل شريكٌ فاعل في النظام الدولي، يختار تحالفاته وفق مصالحه الوطنية... لا وفق ضغوط القوى الكبرى... لقد جاءت هذه الصفقة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي ليس فقط لتأمين بديل اقتصادي مستدام، ولكن أيضًا لإرسال رسالة واضحة بأن الأردن يرفض أي مساومة على ثوابته الوطنية.
المراقبون الدوليون رأوا في موقف جلالة الملك عبدالله الثاني استمرارًا لنهجه الثابت في حماية السيادة الأردنية والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق ، دون أن يسمح لأي طرفٍ بفرض حلول غير عادلة على حساب الأردن... فكما رفض سابقًا "صفقة القرن" ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، يثبت اليوم أنه زعيمٌ عربيٌ بحجم التحديات، لا يخضع للضغوط، بل يواجهها بثباتٍ وقوةٍ ودبلوماسيةٍ محترفة.
بهذه الخطوة، يؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن الأردن ماضٍ في طريقه، مستقلًا بقراره، مستندًا إلى تحالفاته الاستراتيجية التي تحترم سيادته، وقادرًا على تجاوز أي تحديات سياسية أو اقتصادية بفضل قيادته الحكيمة... وللحديث بقية.