الأستاذ الدكتور مصطفى محمد مصطفى عيروط، في سجل النخبة الأردنية التي جمعت بين العمل الإعلامي والرسالة الأكاديمية، يبرز كنموذج حي للالتزام الوطني والمثابرة المهنية، شاهداً على تطور الإعلام والتعليم العالي في الأردن لأكثر من أربعة عقود، حاملاً بصماته الواضحة على مسيرة الفكر الإعلامي والمؤسسي في المملكة.
ولد مصطفى عيروط ونشأ على حب الوطن والانتماء للعلم والمعرفة. تفوق دراسيًا منذ نعومة أظافره؛ إذ كان الأول في مدرسته من الصف الأول حتى التوجيهي، والثاني على مستوى اللواء عام 1975 بمعدل 85.2 في الفرع الأدبي. التحق بالجامعة الأردنية ليكمل مشواره الأكاديمي متفوقًا، فكان الأول على دفعته في قسم اللغة العربية – كلية التربية عام 1979، ونال درجة البكالوريوس بتقدير "ممتاز".
لكن طموحه لم يتوقف عند البكالوريوس؛ فقد حصل على درجة الماجستير في الإدارة التربوية من الجامعة الأردنية عام 1992، ثم نال درجة الدكتوراه بنفس التخصص من الجامعة ذاتها عام 2005، وكان بذلك أول إعلامي أردني عامل في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون يحصل على الدكتوراه أثناء خدمته في المؤسسة.
منذ عام 1979 وحتى 2007، كان مصطفى عيروط حاضرًا في يوميات الأردنيين من خلال إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، حيث عمل مذيعًا، ومنتجًا، ومحررًا، ومندوبًا. أسهم في تأسيس برامج إذاعية وتلفزيونية ذات طابع تنموي وطني، وساهم في نقل هموم المواطنين بصدق ومسؤولية.
قدّم مجموعة من أهم البرامج التي شكلت جزءًا من ذاكرة الإعلام الأردني، مثل:
البث المباشر
اللقاء المفتوح
لمصلحة الجميع
مع الطلبة
خليك معنا (في الفضائية الأردنية – أول بث مباشر حواري عام 1998)
نافذة على التعليم العالي
صنع في الأردن
ربوع بلادي
الضمان الاجتماعي
أبناؤنا في الخارج
لقاءات عربية
وكان أول من أدخل البث الحواري المباشر إلى الإذاعة الأردنية، وأول من استمر في البث خلال فترة الحداد الرسمي على جلالة الملك الحسين بن طلال، حيث أذاع كلمته التاريخية عند ولادة الملك عبد الله الثاني في برنامج "خليك معنا".
كما كان أول من أطلق برامج حوارية ميدانية في التلفزيون الرسمي بعد دمج الإذاعة والتلفزيون عام 1985، مثل "لقاء الأربعاء"، و"متابعات"، و"لمصلحة الجميع". وواصل تقديم "اللقاء المفتوح" عبر الإذاعة من عام 1983 حتى 2007.
بدأ الدكتور مصطفى عيروط مشواره الأكاديمي في جامعة البلقاء التطبيقية عام 2007، وتدرج فيها من محاضر متفرغ إلى أستاذ دكتور. وعمل مستشارًا إعلاميًا لرئيس الجامعة بين عامي 2016 و2018، قبل أن يُعيّن عميدًا لكلية إربد الجامعية (2018–2020) ثم عميدًا لكلية الزرقاء الجامعية (2020–2022).
كما شارك في التدريس في الجامعة الأردنية – قسم القيادة التربوية والأصول خلال العام الجامعي 2024–2025، إضافة إلى عمله الأكاديمي في جامعة العلوم الإسلامية العالمية (2015–2016)، وكلية المجتمع العربي، حيث ترك أثرًا أكاديميًا ومعرفيًا واضحًا.
وإلى جانب التدريس، كان عضوًا في مجالس أمناء كليات الخوارزمي والعلوم التربوية الجامعية التابعة للأونروا، وعضوًا في لجان هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، وله تخصص معرفي رسمي مسجل في الإعلام.
يُعد الدكتور عيروط شخصية مؤثرة في مجتمعه؛ فقد خدم عضوًا في مجلس بلدي الزرقاء من 2003 إلى 2007، وكان له نشاط كبير في ميدان العمل البلدي والعلاقات العامة.
كما قاد برامج تنموية على مستوى وطني، وشارك في إعداد وتقديم برامج عبر قناة سفن ستارز الفضائية من عام 2007 حتى 2019، حيث شغل فيها منصب الرئيس التنفيذي والمستشار الإعلامي. وأطلق فيها أول بث مباشر عبر برنامج "الاستديو المفتوح".
لم تقتصر إسهامات مصطفى عيروط على الأثير والشاشة؛ فهو كاتب يومي نشط، تنشر مقالاته في عدة مواقع إلكترونية أردنية وعربية. تتناول كتاباته الشؤون الوطنية والسياسية والاجتماعية والتربوية، ويُعد من الأصوات الإعلامية المستقلة ذات التأثير الواسع.
أصدر كتابًا بعنوان "ربيع عربي أم خريف عربي" عام 2012، يوثق فيه محطات حساسة من التحولات العربية. كما كان عضوًا في لجنة إعداد كتاب "التربية الوطنية – جامعة البلقاء التطبيقية" عام 2018، إلى جانب عدد من الأساتذة الجامعيين.
يتمتع الأستاذ الدكتور مصطفى محمد مصطفى عيروط بحضور مؤسسي ونقابي بارز، فهو عضو اتحاد المثقفين العرب وعضو اتحاد الصحافة الدولية، كما يشغل عضوية الاستشارية العليا لفرسان السلام. بدأت مسيرته القيادية في المجال الأكاديمي والإداري برئاسة قسم العلاقات العامة في الكلية الجامعية المتوسطة عام 1983، وتوجت خبراته المهنية بحصوله على المرتبة الأولى في دورة الإدارة العليا بمعهد الإدارة العامة عام 1998، والمرتبة الأولى أيضًا في دورة التخطيط البرامجي الإذاعي بالمركز العربي للتدريب في دمشق عام 2000.
الدكتور مصطفى عيروط ينتمي إلى أسرة أكاديمية متميزة؛ زوجته السيدة رائدة الشبول كانت مديرة لعدد من المدارس النموذجية، وجميع أبنائه حاصلون على درجات أكاديمية عليا، حيث تضم أسرته أطباء، محامين، وأساتذة جامعيين.
الأستاذ الدكتور مصطفى محمد مصطفى عيروط هو ذاكرة وطنية حية وموسوعة خبرة، ورحلة مستمرة من العطاء في ميادين الإعلام، والتربية، والتنمية المجتمعية. يتميز بحضوره المؤثر في مختلف المناسبات والاجتماعات العامة، ومشاركته الفاعلة في النقاشات المجتمعية، وهو صوت بارز في وقت تتراجع فيه كثير من الأصوات المؤثرة. كما يمتد أثره عبر كتاباته المتنوعة في صفحته الخاصة وفي العديد من المواقع، حيث يواصل الإسهام الفكري والإعلامي بلا كلل. حضوره المتجدد وإبداعه المستمر دليل على أن الكلمة تبقى ما دامت نزيهة، والعطاء يدوم ما دام مخلصًا، ليظل نموذجًا حياً للالتزام المهني والوطني.