يشكل إفتتاح مجمع طب وجراحة الأسنان العسكري في خلدا ، والتابع للخدمات الطبية الملكية والمجهز بأحدث الأجهزة والتقنيات العالمية، محطة فارقة في مسيرة تطوير الخدمات الطبية العسكرية في الأردن ، فهذا الصرح الطبي المتطور لا يمثل مجرد توسع في البنية الصحية، بل هو رسالة واضحة تؤكد أن رفاق السلاح، عاملين ومتقاعدين، سيبقون في صدارة الأولويات الوطنية، وأن خدمتهم ليست شعارا بل ممارسة واقعية مدعومة بإنجازات ملموسة.
إن هذا المجمع لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة جهد تراكمي لمدارس طبية عسكرية متعاقبة وضعت الأسس بعرقها ووفائها، وصولا إلى هذا المستوى المتقدم من الخدمات ، واليوم، ومع إدخال تقنيات التشخيص الرقمي والأشعة ثلاثية الأبعاد، والعلاج بالليزر، والتقويم الحديث، وزراعة الأسنان وفق أعلى المعايير العالمية، باتت الخدمات المقدمة تضاهي أرقى المراكز الطبية الدولية، وهو ما يخفف عن رفاق السلاح وأسرهم مشقة اللجوء إلى القطاع الخاص أو السفر خارج الوطن بكلف باهظة.
لكن الحداثة وحدها لا تكفي، فالقيمة الحقيقية تكمن في وجود كوادر طبية مؤهلة ومدربة، تسهر ليل نهار على خدمة رفاقهم بإخلاص وكفاءة. وهنا نقف بكل اعتزاز أمام الأطباء والفنيين العسكريين الذين يواصلون البناء على ما أسسه الرعيل الأول من القيادات الطبية، التي غرست المهنية الرفيعة وجعلت من المؤسسة الطبية الأردنية نموذجا مشرفا.
ولم يقتصر إفتتاح هذا المجمع في خلدا على خدمة منطقة بعينها، بل يندرج في إطار مشروع وطني أشمل لتوزيع الخدمات الطبية بعدالة وتقريبها من كل عسكري حيثما كان، مع تعزيز فرص التدريب ورفع كفاءة الكوادر لمواكبة التطور العالمي ، وهذا ما يرسخ حقيقة ثابتة مفادها أن صحة الجندي الأردني وكرامته خط أحمر، وأن الإستثمار في الإنسان هو الخيار الإستراتيجي الأهم الذي لا يتغير مهما كانت الظروف.
وفي هذا المقام، لا يسعني إلا أن أوجه أسمى آيات الشكر والعرفان لمدير الخدمات الطبية الملكية الدكتور سهل الحموري، الذي أثبت بقيادته الحكيمة ورؤيته المتقدمة أنه قائد طبي من طراز رفيع، إستطاع أن يحول التحديات إلى إنجازات، وأن يكتب فصلا جديدا من فصول تميز مؤسستنا الطبية العسكرية ، فجهوده الدؤوبة في التحديث والتطوير ستبقى علامة مضيئة في سجل الخدمات الطبية، وحصنا منيعا لصحة الأردنيين جميعا، ورفاق السلاح خاصة.