لا شيء يعدل رائحة الذكريات ولا شيء يشيء للأمان كتلك الرائحة التي تختلط بكفوف الأمهات وتمتزج بوافر عطائهن الذي يناجي حبيبات المطر وصوت الشتاء القادم ببشارات الخير وانجلاء الهموم وعناوين الراحة بعد التعب وتفاصيل عطش الأرض وحاجتها لترتوي بعرق الآباء المنهك وشدة وقار بقاء أصواتهم في البيوت والشتاء ليسكب فوق الأوراق حنينا ودعاء بالرحمة لمن غادر وطول الأمد لمن بقي . فيحضر المطر ويسكب سعادة على أوراقنا وفي كؤوسنا وحواسنا، فيأتي النص على رسل هادئ الحرف ناعم الشور وثقيل الوجع .
صباح هذا اليوم وبدعوة رسمية وشخصية من مدرسة النقيرة الثانوية للبنات لحضور معرض " الوفاء للحسين " المرتبط اسما وخيرا وحنينا بالباني رحمه الله صافحتنا أم عمر تلك البدوية السمراء تعد الخبز على الصاج بسكون وابتسامة رددت بها فورا قبول التجربة لنستذكر معا خبز الشراك والصاج وناره وخيره لتتعثر يداي قليلا ثم تستقيم استقامة هيبة البداوة الممزوجة المتزنة لتنسلخ تلك الكاتبة الحالمة من فيض الأفكار وتشابكها وتزيح رسمية المكتب وأوراقه وشاشته وتشهد قداسة القمح الممزوج يتمادى ويتعثر ويطيع حبا وكرامة وبداوة للصاج الأكبر وينتشي رائحة الخبز العالقة بالمكان كقول كاتب تشبه رائحة الوطن على ثياب المسافرين .
نعم ، بين الصباح والشتاء والبداوة علاقة ضاربة الجذور ملهمة في كل بيان تحاك في أروقتها ذكريات رائحة الخير من البيوت ومجد سيدات الأرض والوطن والأردن يعدنه حبا في الكرم والعمل وجرسا ينذر بقدوم الصباح وتدابير الرزق والضيف وعلى إيقاع صوت الشتاء يهمسن بدعاء الرضا والحمد والخير والاستمطار وفي حضرة المطر والشتاء يحضر كل غال وفقيد وتتمتم كل أم ماجدة الدعاء للأرض والجنود والفقراء والبسطاء وملح البلاد وأهلها وأهل الزرع والحلال .
شكرا مدرسة النقيرة الثانوية للبنات شكرا للدكتورة رحمة الجبور والرائعات نسرين الجهني وتمارا القعيشيش وحنان الدهام واية المصري وحنان الجبور وجميع الكادر ولأم عمر وافرة العطاء وجميلة الابتسامة التي تفي أن تكون بداية الصباح الملهم ولمن نفث البوح في قلمي هنا .
وشكرا لجميع من يثبت أن التربية والتعليم رسالة مبجلة سامية مقدسة تكتنز بالعطاء والخير وتحب وتؤشر للوطن والأرض .