تتصاعد حالة الارتباك السياسي في بغداد مع تعثر تشكيل الحكومة العراقية الجديدة عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث فشلت الكتل الكبرى في تحقيق أغلبية واضحة، ما أدخل البلاد في جولة مفاوضات معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وضغوط خارجية مؤثرة في مسار اختيار رئيس الوزراء وتحديد ملامح السلطة التنفيذية المقبلة.
المأزق البرلماني بعد انتخابات 2025
أدى غياب كتلة تمتلك الأغلبية البرلمانية إلى خلق أزمة سياسية غير مسبوقة منذ سنوات في مسار تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وبعد إعلان نتائج انتخابات نوفمبر 2025، عجزت القوى المتنافسة عن حسم التحالفات داخل مجلس النواب، الأمر الذي دفعها إلى الدخول في مفاوضات متعددة الأطراف تتسم بالبطء والتوتر. وترى مصادر سياسية أن الانقسام الحزبي الحالي يعكس حجم التباينات في أولويات الكتل وبرامجها السياسية.
الضغوط الإقليمية والدولية وتأثيرها على المشهد
تمارس قوى إقليمية ودولية ضغوطاً متزايدة لدفع القوى العراقية نحو حسم تفاهماتها بشأن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وتشير مصادر مطلعة إلى أن هذه الضغوط ترتبط بحسابات موازين القوى بين الولايات المتحدة وإيران، إضافة إلى رغبة بعض الأطراف الدولية في خلق بيئة سياسية مستقرة تمنع الانزلاق نحو فراغ حكومي. وتؤكد الأطراف العراقية أن التدخلات الخارجية باتت تضغط بشكل مباشر على اختيارات المناصب السيادية، بما في ذلك رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء.
تفكك التحالفات وإعادة رسم خريطة القوى
ساهمت التعقيدات السياسية وضغوط الخارج في إعادة ترتيب التحالفات داخل الساحة العراقية. ويقر سياسيون بأن المرحلة الحالية تشهد تغيرات واضحة داخل الكتل السنية والكردية، مع احتمالات تفكك تحالفات قائمة وظهور تكتلات جديدة تبحث عن تمثيل أقوى في عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وتبرز في هذه المرحلة محاولات مستمرة من الأطراف المختلفة لتوحيد مواقفها الداخلية قبل الدخول في تفاهمات حاسمة مع القوى الشيعية وفي مقدمتها الإطار التنسيقي.
وضع الحكومة الحالية وصلاحيات تصريف الأعمال
ما زالت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني تمارس صلاحيات محدودة بوصفها حكومة تصريف أعمال، إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. ويؤكد مسؤولون أن استمرار هذا الوضع يفرض قيوداً على اتخاذ قرارات اقتصادية وسياسية مهمة، مما يزيد من الضغوط على الكتل للإسراع في إنهاء حالة الجمود.
مسار المفاوضات واحتمالات الحل
تعمل القوى السياسية حالياً على تقريب وجهات النظر بين مكوناتها الداخلية قبل الدخول في مفاوضات شاملة لحسم شكل السلطة التنفيذية المقبلة. وبينما يطالب البعض بحكومة توافقية تعيد التوازن بين القوى، ترى أطراف أخرى أن الحل يكمن في تشكيل تحالف عابر للطوائف يكون قادراً على إنتاج حكومة مستقرة. وتشير التوقعات إلى أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد المسار النهائي، مع إمكانية بروز مرشحين جدد لمنصب رئيس الوزراء.
توقعات المرحلة المقبلة
يتجه المشهد السياسي العراقي نحو مرحلة مفصلية قد تشهد بروز تفاهمات جديدة أو استمرار حالة التعطيل. ومع تزايد التدخلات الخارجية وتشتت المواقف الداخلية، يبقى مستقبل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة مرهوناً بقدرة القوى على تجاوز خلافاتها وتقديم صيغة توافقية تحظى بقبول وطني ودعم إقليمي ودولي.