نيروز
تلتقي الدكتورة مليحة المازمي… مسيرة امرأة صنعت التغيير وقادت التنمية من الفكر إلى
الميدان
نيروز
– محمد محسن عبيدات
في زمن
تتعاظم فيه التحديات الإدارية والاجتماعية، تبرز نماذج نسائية استطاعت أن تحوّل المعرفة
إلى فعل، والرؤية إلى إنجاز، فكانت الدكتورة مليحة محمود المازمي واحدة من تلك القامات
العربية التي رسمت مسيرتها المهنية بعزمٍ استثنائي، وجعلت من القيادة الواعية والتنمية
المستدامة عنوانًا لحضورها العلمي والإنساني.
في هذا
اللقاء الخاص، تفتح الدكتورة المازمي قلبها لـ وكالة نيروز الإخبارية، متحدثة عن رحلتها
الطويلة في ميادين الإدارة، والتدريب، والاستشارات، والعمل الأكاديمي، في قصة نجاح
لامرأة آمنت بأن التغيير يبدأ من الإنسان.
بدايةً
دكتورة مليحة، كيف تصفين رحلتك المهنية بكلمات مختصرة؟
رحلتي
يمكن اختصارها بأنها رحلة إيمان بالإنسان وقدرته على التطور. أكثر من سبعةٍ وعشرين
عامًا في مجال الإدارة، وأربعةٍ وعشرين عامًا في التدريب والاستشارات، كانت كفيلة بأن
تعلّمني أن القيادة ليست منصبًا، بل مسؤولية، وأن التنمية الحقيقية تبدأ ببناء العقول
قبل بناء المؤسسات .
تحملين
خلفية أكاديمية متنوعة، ما الذي شكّل هويتك العلمية؟
تخصصي
الرئيس في علم الاجتماع – التغيير الاجتماعي والتنمية المحلية كان حجر الأساس، إذ حصلت
على درجة الدكتوراه في هذا المجال، إلى جانب دكتوراه فخرية في التعلم الرقمي من الولايات
المتحدة الأمريكية. كما عززت ذلك بدرجتي ماجستير في إدارة الأزمات الأمنية وإدارة الموارد
البشرية، إيمانًا مني بأهمية التكامل بين المعرفة الاجتماعية والإدارية في فهم الواقع
وصناعة الحلول .
لديك حضور
لافت في مجال القيادة والكوتشنج، كيف تنظرين لهذا الدور؟
أنا معتمدة
في الكوتشنج القيادي والعلاقات من الاتحاد الدولي للكوتشنج ICF (ACC – PCC – MCC)، وأؤمن أن القيادة اليوم
لم تعد أوامر، بل إلهام وتمكين. دوري كمدربة ومستشارة هو مساعدة الأفراد والمؤسسات
على اكتشاف قدراتهم الكامنة، وبناء نماذج عمل مرنة قادرة على استشراف المستقبل
وماذا
عن خبرتك في الحوكمة واستشراف المستقبل؟
عملت كخبيرة
في استشراف مستقبل الحوكمة المرنة في العمل الحكومي، وكمقيمة دولية في الجودة والتميز
المؤسسي (EFQM)،
إضافة إلى كوني مدققًا رئيسيًا معتمدًا لنظام الجودة ISO
9001:2015. هذا المسار أتاح لي الإسهام
في تطوير الأداء المؤسسي، وربط الاستراتيجية بالواقع العملي
لكِ إسهامات
علمية واسعة، كيف ترين البحث العلمي في مسيرتك؟
البحث
العلمي هو البوصلة. لديّ أبحاث محكمة منشورة في مجلات علمية داخل الوطن العربي وخارجه،
وأكثر من 18 إصدارًا علميًا، وشاركت في تقييم أبحاث علمية متخصصة. أؤمن أن البحث ليس
ترفًا أكاديميًا، بل أداة لصناعة القرار ودعم السياسات التنموية .
حصدتِ
العديد من الجوائز والتكريمات، ماذا تعني لك؟
حصلت على
أكثر من 12 وسامًا وميدالية تقدير، وأكثر من 70 درعًا، وما يزيد على 500 شهادة شكر
وتقدير، إضافة إلى جوائز أفضل موظف وأفضل محاضر. هذه الجوائز أعتز بها، لكنها بالنسبة
لي مسؤولية أخلاقية للاستمرار بالعطاء وخدمة المجتمع
حضورك المجتمعي لافت من خلال عضوياتك المتعددة، ما رسالتك من ذلك؟
أؤمن بالشراكة
المجتمعية، لذلك تشرفت بعضوية ومهام استشارية في عدد من الجمعيات والاتحادات العربية،
منها جمعيات رائدات الأعمال، والمستشارين والمدربين، والعمل الاجتماعي. العمل العام
يمنح الخبرة معناها الإنساني الحقيقي .
شاركتِ
مؤخرًا في مؤتمر "ملهمات المستقبل – المرأة فارسة الدبلوماسية"، كيف تقيمين
تجربتك في المؤتمر؟
كانت تجربة
ملهمة بكل المقاييس، فقد جمع المؤتمر نخبة من النساء العربيات المتميزات في مجالات
السياسة والدبلوماسية والإدارة، وفتح مساحة للحوار والتبادل المعرفي. التقيت خلاله
بزميلات مبدعات، وتبادلت الأفكار حول تمكين المرأة ودورها في قيادة التغيير، وأعتقد
أن مثل هذه المؤتمرات تعزز دور المرأة في صياغة المستقبل العربي بكل ثقة وإبداع.
قدمتِ
خلال المؤتمر ورقة عمل بعنوان "الذكاء الاصطناعي والاستشارات الأسرية"، ما
أبرز محاورها؟
تركزت
ورقة العمل على استكشاف كيفية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم الاستشارات الأسرية،
وتحسين جودة الخدمات المقدمة للأسر، من خلال تحليل البيانات، والتنبؤ بالمشكلات الأسرية،
وتقديم حلول مخصصة وفعّالة. كما سلطت الضوء على أهمية دمج التكنولوجيا مع الخبرة الإنسانية
لضمان تقديم استشارات متوازنة ومؤثرة، مع الحفاظ على القيم الأخلاقية والاجتماعية في
عملية الاستشارة.
كيف تقيّمين
مؤتمر "ملهمات المستقبل"، وماذا توجهين من رسالة للقائمين على المؤتمر، وخاصة
لرئيس المؤتمر الدكتور أمين أبو حجلة؟
أرى أن
المؤتمر كان منصة متميزة لتبادل الخبرات والمعارف بين النساء القياديات العربيات، وساهم
بشكل فعّال في إبراز دور المرأة في القيادة والدبلوماسية وصناعة القرار. أما رسالتي
للقائمين على المؤتمر، فهي شكر وتقدير على هذه المبادرة القيمة التي تمنح النساء الفرصة
للتعلم والتأثير، وخاصة لرئيس المؤتمر الدكتور أمين أبو حجلة، الذي أرى فيه رؤية واضحة
لدعم المرأة وتمكينها، وآمل أن تستمر هذه المبادرات لتكون منارة للتمكين والإبداع على
المستوى العربي.
كلمة أخيرة
توجهينها للمرأة العربية؟
أقول لكل
امرأة عربية: ثقي بذاتك، استثمري في علمك، ولا تخافي من التحديات. النجاح ليس لحظة،
بل مسار طويل من الإصرار والتعلم المستمر. المرأة قادرة على القيادة وصناعة التغيير
متى ما آمنت برسالتها.
هكذا تمضي
الدكتورة مليحة محمود المازمي في مسيرتها، نموذجًا لامرأة عربية جمعت بين العلم والقيادة،
وبين الفكر والممارسة، لتكتب قصة نجاح ملهمة عنوانها: الإنسان أولًا.