نيروز الإخبارية : نيروزالاخبارية :
بقلم المخرج محمد الجبور
لقد تابعت المرأة خطى التطور في تاريخ المدنية الحديثة ولازمت الرجل في جهاده الشاق نحو المدنية فإن كان الرجل قد ضحى بالكثير من جهده العضلي والعقلي في بناء دعائم الحضارة التي نستمتع بها اليوم والكشف عن بعض أسرار المجهول فيما حولنا فقد ضحت المرأة بجهد نفسي فأعطت من روحها وعواطفها وانفعالاتها ما قد يساوي أو يفوق ما أنفقه الرجل من جهد. لقد عانت المرأة من عنف الرجل وظلمه أحقاباً طويلة لو قدرناها لفاقت تضحيتها في هذا المجال تضحية الرجل ولولا فضل المرأة في العمل الشاق وتدبير شئون الأسرة، لتعذر على الرجل وحده أن يدب على الأرض ويكتشف أسرارها ولقد عرفنا اليوم من تاريخ الجماعة الإنسانية الأولى أن الفلاحة واكتشاف النار وهما سببان أصيلان للحضارة الإنسانية قد اكتشفا من قبل المرأة .
الحديث عن حقوق للمرأة حديث جديد نسبيا في مجتمعات عديدة فقد عانت المرأة في أوربا ولفترة طويلة من الحرمان والإهانة حتى أولئك الكتاب الكبار الذين تكلموا عن الحرية ودافعوا عنها بضراوة قد نعجب إن عرفنا أنهم لم يعيروا المرأة شيئاً يذكر من شعاراتهم ومما نقل عن جان جاك روسو الكاتب الذي مهدت كتاباته للثورة الفرنسية أنه كتب يقول (خلقت المرأة لتكون ملهاة للرجل) هذا بعض التناقض الذي لم ينقطع فحتى أولئك الذين قاموا منادين بعد الثورة الفرنسية بحق المرأة في الحرية على أساس أن الحرية قيمة إنسانية وأن إنكار ذلك على المرأة فيه منافاة للعدل وانتهاك لفكرة المساواة حيث إن الحرية ملك مشاع لأبناء آدم من ذكور وإناث سرعان ما لحق بهم الكبت السريع والقمع العاجل الذي كان من نصيب هذه الأفكار الأولى التي أجهضت مع إجهاض مبادىء الثورة الفرنسية ذاتها حتى أنه نقل عن امرأة فرنسية أنها قالت لنابليون (نريد حريتنا السياسية فنحن متساوون مع الرجال أمام المقصلة) .
كثيرا ما تحدثنا عن المرأة العربية وقد دبجت فيها الكتب الكثيرة والمقالات المتعددة ولكننا حتى الآن كمجتمع عربي لم نتوصل إلى تحديد دقيق لدور المرأة في المجتمع ومستقبل هذا الدور نسمع عن المرأة كأم وكزوجة وأخت ونقرأ فيها أشعار المديح لهذه الأدوار ونفرح كثيرا إن قلنا إنها تقلدت المناصب العليا فأصبحت وزيرة أو سفيرة أو مديرة ولكن الدور الاجتماعي لها حتى الآن لم يتساو في الواقع المعيش مع الرجل لا من حيث المكانة ولا من حيث الدور ونتحدث عن التقدم والعولمة والوسائل الإعلامية المخترقة للمجتمعات والقارات واختزال العالم إلى قرية كونية ولكننا لانرى دوراً جديداً للمرأة العربية في المجتمع كشريك أو مكافئ لزميلها الرجل لا من حيث الوضع القانوني ولا من حيث القبول الاجتماعي ولا من حيث الدور التنموي ودون الحديث عن الدور الشريك في التنمية في شكليه القانوني والاجتماعي للمرأة في المجتمعات العربية فإن ما نتحدث عنه من تنمية وتطور لمجتم.عاتنا هو حديث خرافة أو على الأقل حديث مراوحة إن قضية المرأة العربية تحتاج إلى إعمال لفكر حديث ومتطور ومبتكر أكثر مما تحتاج إلى تكرار المقولات السابقة في التحرر والانعتاق، تحتاج إلى نظرة موضوعية تلائم بين المطلوب والممكن ولكن في سياق حضاري يأخذ بما أخذ به العالم من حولنا .