الإنسان الواعي هو عماد الوطن, وأساس بنائه, وجوهر وجوده, وصمام الأمان, وعنصر القوة, ومصدر المنعة, والقلعة الحصينة, به يصلح ويسمو الوطن, يشتد عوده, ويقوى ساعده, ويعلو بناؤه, ويرتفع مجده, وتنهض حضارته, بينما الإنسان غير الواعي, غير المؤمن, فهو معول هدم, وأداة تخريب, يؤدي بالوطن إلى موارد الهلاك, ودروب الردى, وطريق الفشل, ينحدر به نحو الضياع, من خلال بث ونشر كل خبر لا يراعي معايير الدقة, ولا يحمل درجة اليقين, وكأن القصد هو الإساءة, ومحاولة تحطيم القدوة.
لأن هناك من يتربص وينتظر ويختلس السمع والبصر, ينعق كالبوم يبشر بالخراب, لهدم الثقة ووأد الأمل عبر فضاء إلكتروني اعتنق عقيدة حرية الرأي بأسلوب مطلق حتى بلغ الكفر, ساعد الانتشار الواسع لشبكة الإنترنت إلى إعادة هيكلة القيم الأخلاقية والثوابت الوطنية, وتفشي ثقافة الاغتيال من خلال مواقع تواصل اجتماعي منفلتة مفترية غير منصفة, تحاول طمس أهل الفخر والقادة وتجريد الأمة من رموزها, تمهيداً لتدمير الوطن, وإسقاط المرجعيات.
ثورة الاتصالات أدت إلى غزو ثقافي, وتدفق هائل للأفكار والآراء والمعلومات, تحولت إلى وباء صهر الهوية الوطنية في بوتقة ثقافة العولمة, أفرزت مجموعات مهجنة استثمرت بالإشاعة والدعاية, يخدعون الناس بمشاعر مزيفة, يرتدون قناع الوطنية, ومحاربة الفساد, لغاية في نفس يعقوب.
إن الأغلبية الساحقة من الشعب لا تزال محصنة مؤمنة, يعضون على أمن الوطن بالنواجذ, يحتفظون بمشاعرهم داخل قلوب مغلفة بالحب الصادق للوطن, والانتماء الحق للقيادة, يعيش الوطن هاجساً في ضمائرهم, وأملاً في مستقبلهم, وعزةً في نفوسهم, وأمانةً في أعناقهم, وعهداً في رقابهم, يرفعون البيارق رايات عزِ وفخار, يسكبون دماءهم فداءً للوطن.