حتى اللحظة ما زلت منحازاً انسانياً للمعلم وفق قواعد المنطق في المطالب ودرجة الإستجابة، ورافضاً للإضراب،ومصرّاً على عدم شرعيته ومخالفته للقانون، ولم يكن بودي ان ارفع سقف الإدانة لسلوك بعض اعضاء مجلس نقابة المعلمين لولا حالة الصلف الممنهج والإستقواء العبثي الذي لا يهز سوى مشاعر الحريصين على استقرار الوطن ووحدة ابناءه، وقد قلنا غير ذي مرة ان الارتباك وعدم النضج في صياغة الخطاب الاعلامي يؤدي الى توتير المشهد العام وتسريع عملية الإجهاز على الثقة المتبادلة ما بين النقابة والدولة.
لم اكن اتوقع من تشي غيفارا المنفعل هذا اليوم في مدينة الجند اكثر مما حدث؛ لإن غياب النضج في ادارة العمل النقابي والعجز عن قيادة عشرات الآلاف من المعلمين يؤدي الى اسوأ من ذلك، والنقابة التي تفشل في اختيار الناطقين باسمها عليها ان تتحمل المسؤولية القانونية والسياسية لتهديد الدولة والاساءة للمؤسسات الدستورية والنيل من هيبة الوطن، سيما وان المطالب التي تبدأ بتهديد الدولة وتقريع مؤسساتها لا ترتقي الى مستوى البحث الجدي والاستجابة الناجزة، والحكومة العاجزة عن لجم المتطاولين على هيبة الدولة واحالتهم الى القضاء عليها ان ترحل فوراً ودون ابطاء.
لسنا بحاجة الى بعض الطارئين على العمل العام ليلقنوننا دروساً في التحذير والصراخ، والوطنية حكمة وحرص وليس استقواء وتهديد، وما جرى في الزرقاء يدق ناقوس الخطر بضرورة الحزم في تطبيق القانون وتعزيز سيادته على النقابة والحكومة على حد سواء، والثورة التي تشدق البعض بها سترتد الى نحورهم منعة وعزة للوطن، والانحياز الانساني للمطالب المعيشية يتلاشى ويتحول الى مشاعر غضب وادانة عندما يستهدف الوطن ومؤسساته السيادية وضمير ابناءه الحي.
نحن نفصل تماماً بين المعلمين وقيادة النقابة فيما نقول، فالمعلمين يبحثون عن تحسين واقعهم المعيشي ولا يقبلون خطاب المزاودة على الوطن حتى وان اختلفنا معهم في مدى جواز وشرعية الاضراب ولكنهم في نهاية المطاف لا يبحثون عن مكاسب سياسية، ولا يمكن ان نتصور انهم يقبلون محاولات تفكيك الدولة والنيل من صمودها في وجه التحديات الاقليمية والدولية، وبالتاكيد يتأذون مثلنا من اي توظيف سياسي لمطالب المعلمين.
انفلات خطاب الحوار من عقال المسؤولية الوطنية يفضي الى ما لا تحمد عقياه، والرعونة او الاستهداف الممنهج الذي لمسناه في صراخ احد قيادات النقابة في توظيف الخطاب المطلبي بأسوب مفتعل لتوتير المشهد وتأزيم القضية يجب ان يخضع للمساءلة القانونية والادانة الوطنية، فقد اعتدنا ان نختلف من اجل الوطن لا عليه، واصوات النشاز هنا وهناك لا يلتفت اليها الاردنيون ولا يفيمون لأصحابها وزن، ويبقى الوطن عزيزاً مهاباً والعلم مرفوعاً عالياً.
الاوطان لا تدار بالصراخ ومحاولات بعض المراهقين الجدد لإعادة صياغة المشهد العام بثويب جديد لن تنطلي على احرار الوطن.، اللهم اجعل هذا الوطن آمناً مطمئناً وارزق اهله من الثمرات، وحمى اللهوطننا الحبيب من عبث العابثين وكيد الكائدين....!!!